الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

حكم الإسراع في القراءة والصلاة

السؤال

إني سريع الصلاة ، أي إنني أقرأ سورة الفاتحة وباقي السور القصار بصورة سريعة ، وحركاتي في الصلاة كذلك سريعة ، فهل هذا جائز أم لا؟

الجواب

الحمد لله.

"السنة للقارئ أن يرتل قراءته وألا يعجل فيها حتى يتدبر ويتعقل ما يقرأ ، سواء أكانت الفاتحة أو غير الفاتحة ، فالسنة له التدبر والتعقل والترتيل وعدم العجلة ، كما قال الله سبحانه : (وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) المزمل/4 ، وقال الله عز وجل : (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) ص/29 ، والسرعة التي يخل بسببها ببعض الحروف أو بعض الآيات لا تجوز ، بل يجب عليه أن يتمهل ولا يعجل حتى يقرأ قراءة سليمة واضحة ، يتدبرها ويتعقلها ، فإذا كان يسقط بعض الحروف ويغير بعض الحروف فهذه قراءة لا تجوز ، بل يجب عليه أن يتأنى ويرتل حتى يؤدي الحروف والكلمات كاملة ، وهكذا في الصلاة : لا يعجل في الركوع ، ولا في السجود ، ولا في الجلسة بين السجدتين ، ولا في الوقوف بعد الركوع ، بل يتأنى ويطمئن ، هذا هو الواجب عليه ، والطمأنينة فرض لابد منها ، والنقر في الصلاة والعجلة فيها تبطلها .

فنوصي السائل بأن يطمئن في ركوعه ولا يعجل يقول : سبحان ربي العظيم ثلاثاً أو أكثر ، ويقول : سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي ، وإذا رفع من الركوع يطمئن وهو واقف ويقول : ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، هذا هو الأفضل له ، وقوله : "ربنا ولك الحمد" واجب على الصحيح ، وإن كمل ذلك فقال : حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، يكون هذا أكمل وأفضل .

وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم زيادة وهي : (أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) ، وهذا من الكمال ؛ وهكذا في السجود لا يعجل إذا سجد ، يسجد على الأعضاء السبعة ؛ جبهته ، وأنفه ، وكفه ، وركبتيه ، وأطراف قدميه ، يطمئن ولا يعجل ، ويقول : سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ، سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي ، ويدعو بما تيسر يقول : "اللهم اغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، أوله وآخره ، وعلانيته وسره" هذا دعاء مشروع ، وقال عليه الصلاة والسلام : (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ) ، وقال : (وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ) .

فينبغي للمؤمن في سجوده ألا يعجل ، بل يجب عليه الطمأنينة وهذا ركن من أركان الصلاة لابد منه ، مع هذا يشرع له أن يزيد في الطمأنينة ولا يعجل وأن يدعو في سجوده ويكرر سبحان ربي الأعلى ، والواجب مرة واحدة ، لكن إذا كرر ذلك ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً كان أفضل .

وبين السجدتين يطمئن أيضاً ولا يعجل ، ويعتدل بين السجدتين حتى يرجع كل فقار إلى مكانه ، ويقول : رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني ، كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والمسلم يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم ويعمل كعمله عليه الصلاة والسلام ، ولا يعجل في هذه الأمور ، فالصلاة هي عمود الإسلام ، والصلاة أمرها عظيم .

فنوصي السائل أن يعتني بهذا الأمر ، وأن يخاف الله ويراقبه ، وأن يكمل صلاته بالطمأنينة وعدم العجلة ، وهكذا قراءته يطمئن فيها ولا يعجل بل يقرأ قراءة واضحة يعقلها ويتدبرها ويستفيد منها ، نسأل الله للجميع التوفيق" انتهى .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله - "فتاوى نور على الدرب"(2/772)