الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم الزواج إذا اشترط الزوج المهر على الزوجة

150813

تاريخ النشر : 19-08-2010

المشاهدات : 58372

السؤال

الناس يدفعون مهرا للمتقدم لبناتهم في بلدتي، وليس من الممكن بالنسبة لي الحصول على شقيقتي متزوجة دون دفع المهر. وقد حاولت على مدار العامين الماضيين أن أجد خاطب مناسب دون أن أدفع له مهرا، أليس يحرم تزويج أختي لرجل يطلب مهرا؟

الجواب

الحمد لله.


المهر حق للزوجة على زوجها ؛ لأدلة من الكتاب والسنة والإجماع ، ومنها قوله تعالى : (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4 .
قال الطبري رحمه الله :" يعني بذلك تعالى ذِكره : وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة وفريضة لازمة " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (45527) .
ولا يجوز للزوج أن يشترط مهرا أو صداقا يأخذه من الزوجة أو وليها ، وهو من أكل المال بالباطل .
وإذا اشترط الزوج شيئا من ذلك ، وتم النكاح ، فهو نكاح صحيح عند جمهور أهل العلم ، ويلزم أن يقدم الزوج مهرا ولو يسيرا ، عاجلا أو مؤجلا . وليحذر من اشتراط عدم المهر ، لأن النكاح لا يصح حينئذ عند بعض أهل العلم . فإذا سكت ولم يسم لها مهرا ، كان لها مهر المثل .
وينظر : المحلى (9/ 50) ، المغني (7/ 72).
ومن كلام أهل العلم في تحريم هذا الاشتراط وبيان مخالفته للشرع :
1- روى ابن أبي شيبة رحمه الله في المصنف (3/ 427) عن يحيى بن أبي كثير أن عليا أفتى في امرأة تزوجت رجلا على أن عليها الصداق وبيدها الفرقة والجماع فقال علي : خالفتَ السنة ، ووليتَ الأمرَ غير أهله , عليك الصداق ، وبيدك الجماع والفرقة وذلك السنة .
وروى أيضا عن الحسن قال : ليس للنساء أن يصدقن الرجال .
2- وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 - 28/11/2004 حول تفشي عادة الدوطة في الهند: " الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على ترجمة خطاب الأخ عبد القادر الهندي، الذي جاء فيه قيامه في محاربة (الدوطة)، وهو المبلغ الذي تدفعه العروس في مجتمع الهند الإسلامي، مقابل الزواج، وأن يكتفي المسلمون الهنود فقط، بتدوين المهر في سجل الزواج، دون أن يدفعوه إلى الزوجة فعلاً...
وجاء في القرار :
ثانيًا: ينبه المجلس بأن هذا الزواج- وإن كان مخالفًا للزواج الشرعي من هذا الوجه- إلا أنه زواج صحيح، معتبر شرعًا عند جمهور علماء المسلمين، ولم يخالف في صحته إلا بعض العلماء في حالة اشتراط عدم المهر. أما الأولاد الناشئون عن هذا الزواج، فهم أولاد شرعيون، منسوبون لآبائهم وأمهاتهم، نسبة شرعية صحيحة، وهذا بإجماع العلماء، حتى عند الذين لا يرون صحة هذا النكاح، المشروط فيه عدم المهر، فقد صرحوا في كتبهم بإلحاق الأولاد بآبائهم وأمهاتهم بهذا الزواج المذكور.
ثالثًا: يقرر المجلس: أن هذه العادة سيئة منكرة، وبدعة قبيحة، مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع العلماء، ومخالِفة لعمل المسلمين في جميع أزمانهم. أما الكتاب؛ فقد قال تعالى : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء/4 ، وقال تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) الممتحنة/10 ، وقال تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) النساء/24 ، وغير ذلك من الآيات. وأما السنة؛ فقد جاءت مشروعية المهر في قوله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره؛ فقد جاء في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود، عن جابر، رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَو أنَّ رجلاً أَعطَى امرأةً صَدَاقًا مِلءَ يَدَيْهِ طَعَامًا، كانت له حَلالاً) فهذا من أقواله. وأما فعله؛ فقد جاء في صحيح مسلم وغيره من كتب السنن عن عائشة قالت : (كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونصف أوقية) . فهذا فعله. وأما تقريره؛ فقد جاء في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة . فقال : (ما هذا؟ قال : تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب . قال : بارك الله لك). فهذا من تقريره وهو إجماع المسلمين وعملهم، في كل زمان ومكان، ولله الحمد.
وبناء عليه فإن المجلس يقرر: أنه يجب أن يدفع الزوج لزوجته صداقًا سواء كان الصداق معجَّلاً، أو مؤجلاً، أو بعضه معجل وبعضه مؤجل. على أن يكون تأجيلاً حقيقيًّا يراد دفعه عند تيسره، وأنه يحرم أن يجرى الزواج بدون صداق من الزوج لزوجته. ويوصي المجلس بأن السنة: تخفيف الصداق وتسهيله، وتيسير أمر النكاح، وذلك بترك التكاليف والنفقات الزائدة، ويحذر من الإسراف والتبذير، لما في ذلك من الفوائد الكبيرة.
رابعًا: يناشد المجلس العلماء والأعيان والمسؤولين في الهند وغيرهم، محاربة هذه العادة السيئة (الدوطة)، وأن يجدوا ويجتهدوا في إبطالها وإزالتها من بلادهم، وعن ديارهم، فإنها مخالفة للشرائع السماوية، ومخالفة للعقول السليمة، والنظر المستقيم.
خامسًا: أن هذه العادة السيئة، علاوة على مخالفتها للشرع الإسلامي، هي مضرة بالنساء ضررًا حيويًّا. فالشباب لا يتزوجون عندئذ إلا الفتاة التي يقدم أهلها لهم مبلغًا من المال يرغبهم ويغريهم، فتحظى بنات الأغنياء بالزواج، وتقعد بنات الفقراء دون زواج، ولا يخفى ما في ذلك من محاذير ومفاسد. كما أن الزواج عندئذ يصبح مبنيًّا على الأغراض والمطامع المالية، لا على أساس اختيار الفتاة الأفضل والشاب الأفضل. والمشاهد اليوم في العالم الغربي أن الفتاة غير الغنية تحتاج أن تقضي ربيع شبابها، في العمل والاكتساب، حتى تجمع المبلغ الذي يمكن به ترغيب الرجال في الزواج منها. فالإسلام قد كرم المرأة تكريمًا، حين أوجب على الرجل الراغب في زواجها أن يقدم هو إليها مهرًا تُصلح به شأنها وتهيئ نفسها، وبذلك فتح بابًا لزواج الفقيرات، لأنهن يكفيهن المهر القليل، فيسهل على الرجال غير الأغنياء الزواج بهن. والله ولي التوفيق " انتهى .

3- وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بالهند رقم :56 (5/13) بشأن حكم الدوطة :

" إن علماء بلاد الهند والبلدان العربية الذين حضروا الندوة يشعرون بأن ما يطالب به الزوج أو أولياؤه من أولياء الزوجة بمناسبة عقد النكاح من الدوطة وما أصبح سائداً من الإسراف في النكاح أدى إلى وضع خطير جدّاً، فإن الدوطة الرائجة اليوم حولت النكاح - الذي كان أعظمه بركة في الإسلام أيسره مؤنة - إلى أمر صعب المنال، فكثير من البنات البالغات يبقين غير متزوجات بسبب عدم توافر الدوطة، الأمر الذي تنجم عنه مفاسد اجتماعية وخلقية تفوق العدَّ والحصر، ونظراً إلى ذلك تقرِّر الندوة ما يلي:
أولاً: إن النكاح حاجة إنسانية أساسية، وقد جعله الإسلام قليل المؤنة ميسوراً ورغَّب فيه، ولكن كثيراً من الناس خالفوا الشريعة فجعلوا النكاح عسيراً وكثير المؤنة بالدوطة وبالإسراف، وهو مخالفة صريحة لحكم الإسلام، وفيه إثم كبير.

ثانياً: إن الدوطة الرائجة حرام قطعاً، ولا مساغ لها في الشريعة.

ثالثاً: إن الإسلام لم يجعل على الزوجة ولا على أوليائها أي عبء مالي، بل جعل مهرها ونفقتها على الزوج، فلذلك لا يجوز فرض الأعباء المالية بأي نوع من أنواعها على أولياء الزوجة.

رابعاً: المهر حق مالي للزوجة، وعلى الزوج التعجيل في دفعه إليها.

خامساً: إن ما يقدم إلى الزوجة عند عقد النكاح من جانب أبويها وأقاربها من الأمتعة والأشياء أو ما يهدى إليها من جانب الزوج وذويه من الهدايا، كل ذلك ملك لها، ولا يجوز للزوج أو لأهل بيته استردادها من الزوجة أو استخدامها أو أي تصرف فيها بدون كامل رضاها " انتهى .
http://ifa-india.org/arabic/qararat.html
والحاصل : أن طلب الزوج من المرأة أن تدفع له مهراً محرم في الإسلام ، ولكن .. إذا لم يمكنك أن تزوج أختك إلا بذلك فأنت مكره ، ولا إثم عليك إن شاء الله تعالى .
ونسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب