الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

سب أي نبي من الأنبياء كفر وردة

السؤال

لو أن مسلماً قرأ هذه المنشورات التي ينشرها الكفار مِن سبٍّ وقدحٍ في نبيِّنا صلى الله عليه وسلم فغضب من ذلك ، وفي ردة فعل منه - لكي يغضب المسيحيين - تلفَّظ بأشياء غير لائقة عن سيدنا عيسى عليه السلام ، فما حكمه ، وكيف يتوب ، وهل عليه من كفارة ؟

الجواب

الحمد لله.

عقيدة المسلم لا توجب عليه الإيمان بجميع الأنبياء فحسب ، بل توجب عليه إجلالهم وتقديرهم وتوقيرهم وتعظيمهم التعظيم اللائق بهم ، لأنهم خير البشر ، وصفوة الله من خلقه ، وهم نور الهداية الذي أضاء الأرض من ظلمتها ، وآنسَ القلوبَ مِن وحشتها ، ولا سبيل إلى السعادة والفلاح إلا بهم وبسببهم .
لذلك أجمع جميع العلماء على حرمة سب الأنبياء والاستهزاء بهم ، وعلى أن من وقع في هذا الأمر العظيم فقد ارتد عن دين الإسلام ، كما أن من وقع في سب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد ارتد عن الإسلام ، فالمسلم لا يفرق بين أنبياء الله ورسله ، كما قال سبحانه وتعالى :
( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) آل عمران/84.
وقد أمرنا عز وجل بتوقير نبينا عليه الصلاة والسلام ، فكذلك الحكم لسائر الأنبياء ، يقول الله عز وجل : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الفتح/8-9.
وننقل هنا أقوال العلماء في تكفير من تنقص أحد الأنبياء :
قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله :
" ويكفر بعيبه نبياً بشيء " انتهى من " البحر الرائق " (5/130)
وقال القاضي عياض رحمه الله :
" من استخف به – يعني بنبينا صلى الله عليه وسلم - أو بأحد من الأنبياء ، أو أزرى عليهم ، أو آذاهم ، أو قتل نبيا ، أو حاربه : فهو كافر بإجماع " انتهى من " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (2/284)
وقال الدردير المالكي :
" من سب نبياً مجمعاً على نبوته ، أو عرَّض بسب نبي فقد كفر " انتهى من " حاشية الدسوقي على الشرح الكبير " (4/309)
وقال الشربيني رحمه الله :
" من كذب رسولاً أو نبياً أو سبه أو استخف به أو باسمه ... فقد كفر " انتهى من " مغني المحتاج " (5/429)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مِن خصائص الأنبياء أنَّ مَن سبَّ نبيًّا مِن الأنبياء قتل باتفاق الأئمة وكان مرتداً ، كما أنَّ مَن كفر به وبما جاء به كان مرتداً ، فإن الإيمان لا يتم إلا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله " انتهى من " الصفدية " (1/262)
فمن وقع في هذا الإثم العظيم فعليه أن يسارع إلى التوبة الصادقة ، والعودة إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين وتعظيم جميع الأنبياء ، ثم باليقين التام أننا أولى بالرسل والأنبياء من جميع الأمم التي تنتسب إليهم ، وأننا يجب علينا أن ندافع عن جميع الأنبياء إن تعرض لهم أحد بالسب والأذى ، فالدفاع عن نبينا صلى الله عليه وسلم يكون بتوقير جميع الأنبياء ، وإظهار فضلهم على الناس كافة ، وبيان ارتباط رسالاتهم ببعضها ، وأنهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ ) رواه البخاري (3535) ومسلم (2287)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب