الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

أوصت أمها لأخيها الأصغر بذهب وحفظته عندها ، فما حكم التصرف فيه ؟

175292

تاريخ النشر : 24-12-2011

المشاهدات : 13912

السؤال


أريد أن أسأل عن ذهب تركته عندي أمي قبل أن تتوفى ، بعلم جميع إخوتي ورضاهم ، لأخي الأصغر ، لإحساسها أنها قدمت لجميع إخوتي المتزوجين ، ولم تستطع أن تقدم لأخي الأصغر ؛ لأنها مرضت ، ثم توفيت ، فأوصتني أن أعطي أخي الأصغر الذهب الذي عندي لزواجه . ثم إنني سافرت وتركت الذهب عند أختي ، وبعد فترة اتصلت بي أختي ، وقالت لي إنها بحاجة لمبلغ من المال ، وإنها تريد أن تأخذ من الذهب الموجود عندها لأخي كدين ، تصرفه ثم بعد فترة ترجعه ، فلا أعلم هل علي إثم أو على أختي لأننا تصرفنا في الأمانة ، أو لا شيء علينا ؛ وفي حالة علم أخي بذلك ، هل يختلف الموضوع أو لا ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
إذا أودعت أمك عندك ذهباً على أن يتم تسليمه لأخيك بعد وفاتها لحاجته، فهذه وصية، والوصية لا تصح لوارث إلا بإجازة الورثة.
فإن كان جميع الورثة بالغين عاقلين ، قد أجازوا الوصية بعد وفاة أمك نفذت الوصية، وأما رضاهم قبل الموت فلا عبرة به ؛ لأن المال لم يدخل في ملكهم قبل الموت ، فكانت موافقتهم قبل الموت لا حكم لها.
وعليه: فإن حصلت الموافقة بعد الموت صحت الوصية ، وإن لم يوافقوا ، أو وافق بعضهم ولم يوافق البعض الآخر : نفذت الوصية في حق من أجاز.
قال الحجاوي رحمه الله: " إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت ، فتصح تنفيذا"
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
قوله: "بعد الموت" متعلق بـ" إجازة " ؛ يعني : إلا إذا أجازها الورثة بعد الموت، فإن أجازوها قبل الموت فلا عبرة بإجازتهم؛ لأنهم لم يملكوا المال بعد حتى يملكوا التبرع بشيء منه؛ لأن الإجازة معناها التبرع، ولأن هذا الوارث اليوم قد يكون هو الموروث، فكثيراً ما يكون رجل صحيح وآخر مدِنف ، فيموت الأول قبل الثاني، فلا يعتد بإجازتهم، إلا إذا كانت بعد الموت" انتهى من "الشرح الممتع" (11/141)
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (106236) (91530) .

ثانياً:
إذا نفذت الوصية للموصى له ، فهذا الذهب ، أو غيره من أنواع المال الموصى به : أمانة عند من أودع عنده ، سواء كنت أنت أو غيرك من الأمناء ؛ فلا يجوز الاقتراض منه ، أو التصرف فيه ببيع أو شراء أو هبة ، إلا بما فيه مصلحة لصاحب المال ، وحظ له ، إن كان محجورا عليه لصغر أو نحوه ، وإن كان بالغا رشيدا ، فإنه لا يصح التصرف في شيء من ملكه إلا بعد الرجوع إليه ، واستئذانه فيه .
والواجب عليكما الآن أن تردا الوديعة على حالها ؛ فإن كان قد تم بيع شيء من هذا الذهب ، اشترت أختك بدلا منه ، ثم ردته إلى الأمانة التي عندها .
وينظر جواب سؤال رقم (83827) .

تنبيه:
بعض الآباء يعطي بعض المال لولده في مساعدة أمور زواجه مثلاً، ثم يوصي للآخر ببعض المال؛ بناء على التعديل بينهم، فكما أنه أعطى الأكبر ، يرى أنه لا بد من إعطاء الأصغر ؛ فإن لم يتمكن من ذلك في حياته ، أوصى له بعد موته بنظير ما أعطى لإخوته ؛ وهذا ليس صوابا ؛ لأنه إنما أعطى لمن كان محتاجا ، وهذا الصغير لم يكن محتاجا في ذلك الوقت ، فإن احتاج لزواج أو غيره ، وجيب عليه أن يعطيه أيضا بقدر حاجته ، كما أعطى أخاه ، فإن مات الأب قبل حاجة الصغير إلى مثل هذا المال ، فلا شيء عليه ، ولا شيء لهذا الصغير الذي لم يبلغ الحاجة في حياة والده .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج ، ويكون له أولاد صغار ، فيكتب في وصيته : إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا أن يزوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج، فالوصية لهم حرام، ولا تنفذ أيضاً، حتى الورثة لا يجوز لهم أن ينفذوها ، إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك فلا بأس بالنسبة لحقه في التركة " انتهى من "الشرح الممتع" (4/599) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب