الحمد لله.
أولا :
لا يجوز التصرف في الوديعة بغير إذن المودِع ، ومن فعل ذلك كان في حكم الغاصب ، والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يتحلل من صاحب الوديعة ، وأن يرد إليه وديعته .
وضياع جزء من الوديعة يجب على أخيك أن يتحمله لصاحب الوديعة ، لأنه هو الذي اعتدى في بادئ الأمر وتصرف في الوديعة تصرفاً محرماً .
وأما دخول جزء من الوديعة في المشروع الذي بينك وبين أخيك ، فقد اختلف الفقهاء في الربح الناتج عن المال المغصوب ، هل يكون للغاصب أو للمغصوب منه أو يُتصدق به ؟
فالحنابلة على أنه يكون لصاحب المال (المودِع) لأنه ربح ماله ، والمالكية والشافعية على أنه يكون للغاصب لأنه يضمنه في حال التلف والهلاك ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه يتصدق به لأنه جاء بسبب خبيث .
ينظر : "المغني" (5/159) ، "مغني المحتاج" (3/363) ، "الموسوعة الفقهية الكويتية" (22/84).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أودع عندي أحد الناس نقودا فاستفدت من هذه النقود واستثمرتها وعندما جاءني صاحب المال رددت له ماله كاملا ولم أخبره بما استفدته من ماله ، هل تصرفي جائز أم لا ؟
فأجاب : "إذا أودع عندك أحد وديعة فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه ، وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها ، فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه ، فإن سمح وإلا فأعطه ربح ماله ، أو اصطلح معه على النصف أو غيره ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (19/411).
ثانيا :
الواجب على أخيك أن يبادر برد الوديعة كاملة ، وألا يماطل أو يتهرب من صاحبها ، فإن ذلك ظلم وعدوان ، لا سيما وهو قادر على الوفاء ، كما يفهم من السؤال ، ولو أدى ذلك إلى أن يفض شركته معكم ، والمقصود أنه لا يجوز تأخير الرد ، بل يجب فورا ما دام لديه مال أو متاع يمكن بيعه والوفاء منه .
وعليه أن يستسمح صاحب الوديعة ، ويجتهد في تقدير المال الذي دخل في الشركة من الوديعة ، ويعطي ربح هذا المال لصاحب الوديعة ، أو يتفق معه على أخذ جزء منه يرضى به صاحب الوديعة . فإن فعل ذلك ، فقد طهَّر ماله من الحرام ، وتكون شركته معك بمال حلال إن شاء الله .
وعليك أن تنصحه بالمبادرة بالتخلص من الحرام والتوبة منه .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق