الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

حكم اجتماع طلبة مسلمين ونصارى يقرءون من القرآن والإنجيل المحرف ثم يؤمن بعضهم على قراءة بعض ؟

السؤال

في إحدى المدارس الثانوية الداخلية ، المملوكة لجهة مسيحية ، يقوم كل ليلة طالب مسيحي ثم يليه طالب مسلم بقراءة مقاطع ، كلٌ من كتابة المقدس ، فعندما يحين دور الطالب المسلم يقرأ على سبيل المثال الفاتحة أو الناس أو الفلق..الخ ، وما إن ينتهي يقول الجميع " آمين " بما في ذلك المسيحيين ، فما رأي الشرع في هذا ؟ لأنهم يستغربون علينا أننا ننكر عليهم تأمينهم .

الجواب

الحمد لله.

لا بد أن نعلم أن مخالفة اليهود والنصارى ، ونبذ ما هم عليه من العقائد الباطلة ، ومعاداتهم في الله ، وعدم اتخاذهم أولياء من أصول ديننا الحنيف ، ومن صميم عقيدتنا المطهرة .
قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ) آل عمران/ 100 .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/ 51 .
وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) المائدة/ 57 .
وهم يودون أن لو تركنا ديننا إلى دينهم ، ولا يرضون منا بأدنى من ذلك .
قال تعالى : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ) البقرة/ 109 .
( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) البقرة/ 120 .
ولذلك فقد أمرنا الله بمخالفتهم ومعاداتهم وعدم موالاتهم ، بل أمرنا بقاتلهم وجهادهم حتى يؤمنوا بالله وحده ، ويتركوا ما هم عليه من الكفر والضلال أو يعطوا الجزية أذلة صاغرين ، فقال تعالى : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) التوبة/ 29 .
وقال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ) الأنعام/ 159 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وذلك يقتضي تبرؤه منهم في جميع الأشياء ، ومن تابع غيره في بعض أموره فهو منه في ذلك الأمر ... فقول القائل : لست من هذا في شيء ، أي لست مشاركا له في شيء ، بل أنا متبرئ من جميع أموره .
وإذا كان الله قد برأ رسوله صلى الله عليه وسلم من جميع أمورهم ، فمن كان متبعا للرسول صلى الله عليه وسلم حقيقة ، كان متبرئا منهم كتبرئه صلى الله عليه وسلم منهم ، ومن كان موافقا لهم كان مخالفا للرسول بقدر موافقته لهم " انتهى من "اقتضاء الصراط" (ص 46-47) .
وإن من أساليبهم الباطلة وحيلهم الشيطانية السعي لتضليل أبناء المسلمين بإنشاء هذه المدارس التنصيرية التي يفتحونها في بلادهم أو في بلاد المسلمين ، ويرغبون المسلمين في إلحاق أبنائهم بها ، ثم ينفذون إلى عقيدتهم فيحرفونهم عنها ، ويعلمونهم أنهم جميعا أهل كتب سماوية ، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم نزل بالقرآن والإسلام ، وأن عيسى صلى الله عليه وسلم نزل بالإنجيل والنصرانية ، فكما أنه لا فرق بين محمد وعيسى ، فكذا لا فرق بين أتباع هذا وأتباع هذا .
قال علماء اللجنة :
" من أساليب المنصرين : التنصير عن طريق التعليم ، وذلك إما بإنشاء المدارس والجامعات النصرانية صراحة ، أو بفتح مدارس ذات صبغة تعليمية بحتة في الظاهر ، وكيد نصراني في الباطن ؛ مما جعل فئات من المسلمين يلقون بأبنائهم في تلك المدارس رغبة في تعلم لغة أجنبية ، أو مواد خاصة أخرى ، ولا تسل بعد ذلك عن حجم الفرصة التي يمنحها المسلمون للنصارى حين يهدون فلذات أكبادهم في سن الطفولة والمراهقة ، حيث الفراغ العقلي والقابلية للتلقي ، أيا كان الملقي ، وأيا كان الملقى .
وقد دلت الأحداث على أن الجانب الصحي والتعليمي على وجه الخصوص هما أخطر منفذين عبر من خلالهما النصارى إلى قلوب الناس وعقولهم " انتهى بتصرف يسير واختصار .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (12 /302-305) .

 

وقد نهانا الله عن مجالسة الكفار الذين يكفرون بحجج الله وآياته ويستهزئون بها ، حتى يخوضوا في حديث غيره ، فقال سبحانه :
( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء/ 140 .
وقال تعالى ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام/ 68 .

 

فإذا جالس الطلاب المسلمون الطلاب النصارى ، وقرأ النصارى من كتابهم المحرف المبدل الذي يحتوي على الكفر والضلال ، فأصغى إليهم المسلمون ، وأمّنوا على ما يقولون ، ورضوا بسماعه ولم ينكروه كان هذا من أعظم الضلال ، ومن الرضا بالكفر وعدم إنكاره .
ولابد أن يعلم أولياء أمور الطلبة المسلمين أن هذه المدارس التنصيرية تشكل أكبر الخطر على عقيدة أبنائهم ؛ وذلك لأن هذه المدارس إنما أنشئت لمحاربة الإسلام والسعي لإضلال أبناء المسلمين ، فتقوم هذه المدارس بكافة أنواع المكر والكيد لعقيدة أهل الإسلام ، فمما تقوم به :
- تنشئة الطالب على حب النصرانية ، وأنها دين سماوي صحيح كدين الإسلام .
- هدم عقيدة الولاء والبراء في نفوس أبناء المسلمين ، وتربيتهم على أن المسلمين والنصارى إخوة لا اختلاف بينهم ولا عداء .
- تعليم الطالب أن القرآن والإنجيل المحرف المبدل كتابان من عند الله ، نزل القرآن على النبي محمد ، ونزل الإنجيل على أخيه عيسى .
- التشكيك في آيات القرآن الكريم ، وتحريف معانيها ، وتأويل كلام الله التأويل الباطل .
- إزالة الحواجز بين المسلم والنصراني ، فالكل إخوة ، والاختلاف في الدين لا يعارض هذه الأخوة ، بل ينميها .
- التشكيك في السنة والسيرة النبوية ، والطعن فيما جاء بها .
- قتل روح الجهاد في نفوس أبناء المسلمين وهدم صرحه بالكلية .
- العمل على ضعف العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم ، وأن العلاقة بين المسلم والنصراني قد تكون آكد وأشد عروة .
- السعي في اختلاط العقائد الإسلامية الحنيفية بالعقائد النصرانية الشركية الكفرية .
- السعي وراء تبديل أحكام الله ، وتغيير الشرائع ، فلا بأس بتزوج النصراني من المسلمة ، ولا حرج في تغيير الدين والردة عن الإسلام ، ولا خوف على أبناء المسلمين من إخوانهم النصارى .
- إظهار أهل السنة المتمسكين بدين الله في صورة الإرهابيين والسفاحين والقتلة الذين يسعون في خراب البلاد وتقتيل الآمنين .
فالواجب الحذر من هذه المؤسسات التنصيرية ، وعدم السماح لأبناء المسلمين بالالتحاق بها .
والخلاصة :
أن الصورة الواردة في السؤال صورة منكرة مخالفة لعقيدة المسلمين ، سواء أمّن المسلمون على إنجيل النصارى أو أمن النصارى على قرآن المسلمين ؛ لأن هذا الاجتماع وهذا التأمين مفاده أن الإسلام والنصرانية لا يختلفان ، وأن المسلمين والنصارى إخوة متحابون ، وهذا هو نفس مبدأ زمالة الأديان ، والتقارب بينها ، والذي يسعى الغرب إلى بثه في نفوس المسلمين منذ زمن ، لإخراجهم من دينهم واعتقادهم ، وتركهم بلا شيء يستمسكون به .
وينظر جواب السؤال رقم (10213) ، ورقم (10232) ، ورقم (145352) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب