الحمد لله.
فتركة هذا الميت توزع بالطريقة التالية:
أمَّا الزوجة فتستحق الربع لعدم وجود فرع وارث , قال تعالى ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/ 12.
وأما أبناء الأخ من الأم فإنهم من ذوي الأرحام , والقول الراجح من أقوال أهل العلم هو توريث ذوي الأرحام في حالة انعدام أصحاب الفروض والعصبات إلا الزوج أو الزوجة .
يقول ابن قدامة في المغني (6 / 317) عند حديثه عن ذوي الأرحام : " وهم الأقارب الذين لا فرض لهم ولا تعصيب ، وهم أحد عشر حيزا ؛ ولد البنات ، وولد الأخوات ، وبنات الإخوة ، وولد الإخوة من الأم ، والعمات من جميع الجهات ، والعم من الأم ، والأخوال ، والخالات، وبنات الأعمام ، والجد أبو الأم ، وكل جدة أدلت بأب بين أمين، أو بأب أعلى من الجد. فهؤلاء ، ومن أدلى بهم ، يسمون ذوي الأرحام ، وكان أبو عبد الله يورثهم إذا لم يكن ذو فرض ، ولا عصبة ، ولا أحد من الوارث ، إلا الزوج ، والزوجة " انتهى.
وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتوى رقم: ( 85495 ) ، ورقم: ( 176434) .
ثم إن ما استقرت عليه الفتوى
أيضا في طريقة توريث ذوي الأرحام هو مذهب الجمهور من متأخري المالكية والشافعية
ومذهب الحنابلة ، فيما يسمى بطريقة " التنزيل " وهي أن ينزَّل كل واحد من ذوي
الأرحام منزلة مَن يُدلي به من الورثة ، فيجعل له نصيبه .
فمثلا : ابن البنت يرث نصيب البنت ، والخال يرث نصيب الأم ، وبنت الأخ الشقيق ترث
نصيب الأخ الشقيق ، وابن الأخ لأم يرث نصيب الأخ لأم .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند حديثه عن ميراث ذوي الأرحام :
" ومن العلماء من قال : يرثون بالتنزيل ، أي: أنهم ينزلون منزلة من أدلوا بهم ،
وهذا الذي مشى عليه المؤلف - رحمه الله - فقال يرثون بالتنزيل يعني نزلهم منزلة
من أدلوا به ، فأبو الأم مدلٍ بالأم فله ميراث الأم ، ابن الأخت مدلٍ بالأخت فله
ميراث الأخت ، ابن الأخ من الأم مدلٍ بالأخ من الأم فله ميراث الأخ من الأم ، فهم
يرثون بالتنزيل " انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع "(11 / 274) .
وعلى ذلك فإن أولاد الأخ من الأم في هذه المسألة يرثون من الميت السدس , ثم يرثون
باقي التركة من باب " الرد " .
أما السدس: فلأنه نصيب أبيهم - وهو الأخ لأم - فرضا عند انفراده ؛ لقوله تعالى :
(وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ
فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ
شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ) النساء/12 .
قال ابن قدامة رحمه الله : " والمراد بهذه الآية الأخ والأخت من الأم ، بإجماع أهل
العلم ، وفي قراءة سعد بن أبي وقاص : " وله أخ أو أخت من أم " ، والكلالة في قول
الجمهور : من ليس له ولد ، ولا والد ، فشرط في توريثهم عدم الولد والوالد ، والولد
يشمل الذكر والأنثى ، والوالد يشمل الأب والجد " انتهى من "المغني" (6/ 163) .
فأولاد الأخ لأم يرثون نصيب أبيهم وهو السدس ، ويرثونه بالسوية للأنثى مثل حظ الذكر
– إن كان بينهم أنثى .
جاء في " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (11 / 275) عند الحديث عن توريث ذوي
الأرحام :
" إن أدلوا بمن ذكرُهم وأنثاهم سواء ، فذكرهم وأنثاهم سواء، وإن أدلوا بمن يختلف
فيه الذكر عن الأنثى ، فهم يختلفون، فأولاد الإخوة من الأم سواء ، فلو هلك هالك عن
بنت أخ من أم وابن أخ من أم ، فهم سواء ؛ لأنهم أدلوا بمن ذكرهم وأنثاهم سواء "
انتهى.
وأما باقي التركة فيستحقه أولاد الأخ لأم أيضا من باب الرد ، يقسمونه بينهم بالسوية
, ولا تأخذ منه الزوجة شيئا ؛ لأن الزوجين لا حظ لهما في الرد .
جاء في " المغني " لابن قدامة (6 / 296)" فأما الزوجان ، فلا يرد عليهما باتفاق من
أهل العلم " انتهى .
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم : (166553)
أن الإخوة لأم سواء أخذوا بالفرض أو الرد ، فإنهم يقتسمون التركة بينهم بالتساوي ،
للأنثى مثل حظ الذكر , وكذلك أولادهم يقتسمون حظهم بينهم بالتساوي للأنثى مثل
الذكر.
وفي النهاية ننبه على أن تركة الميت تورث حسب الحدود الشرعية التي حدَّها الله
سبحانه في كتابه ، سواء أكانت التركة قد اكتسبت بطريق الإرث , أو بطريق الجد والعمل
بتجارة أو صناعة ونحوها, أو بطريق الهبة أم بغير ذلك من الطرق المشروعة ؛ فكل هذا
لا أثر له في قسمة المواريث .
والله أعلم.
تعليق