الحمد لله.
الواجب على من سعى بين الصفا والمروة أن يبدأ بما بدأ به الله تعالى به وبدأ به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )البقرة / 158 ، وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم في سعيه بالصفا ، وقال : ( أبدأ بما بدأ الله به ) ، والأصح : أن الترتيب بينهما واجب ؛ فمن بدأ بالمروة أولاً : لم يحسب شوطه الأول ، وعليه أن يضيف شوطاً آخر .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي :
" اعلم أن جمهور أهل العلم يشترطون في السعي الترتيب، وهو أن يبدأ بالصفا ، ويختم بالمروة ، فإن بدأ بالمروة : لم يعتد بذلك الشوط ، وممن قال باشتراط الترتيب : مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأصحابهم ، والحسن البصري ، والأوزاعي ، وداود ، وجمهور العلماء .
وعن أبي حنيفة خلاف في ذلك :
قال صاحب " تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق " ، في فقه الإمام أبي حنيفة رحمه الله : "ولو بدأ من المروة لا يعتد بالأولى لمخالفته الأمر". انتهى منه .
وقال الشيخ شهاب الدين أحمد الشلبي في حاشيته على " تبيين الحقائق " ـ المذكورـ : "قوله : (ولو بدأ بالمروة لا يعتد بالأولى) ، وفي مناسك الكرماني : إن الترتيب فيه ليس بشرط عندنا ، حتى لو بدأ بالمروة ، وأتى الصفا جاز ، ويعتد به ، ولكنه مكروه لترك السنة ، فتستحب إعادة ذلك الشوط .
قال السروجي رحمه الله في " الغاية " : ولا أصل لما ذكره الكرماني .
وقال الرازي في " أحكام القرآن " : فإن بدأ بالمروة قبل الصفا : لم يعتد بذلك في الرواية المشهورة عن أصحابنا ، وروي عن أبي حنيفة : أنه ينبغي له أن يعيد ذلك الشوط ، فإن لم يفعل فلا شيء عليه ، وجعله بمنزلة ترك الترتيب في أعضاء الطهارة أ.هـ ، فقول السروجي : لا أصل لما قاله الكرماني فيه نظر .
انتهى منه .
وحجة الجمهور في اشتراط الترتيب : أن النَّبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وقال " أبدأ بما بدأ الله به " وفي رواية عند النسائي " فابدؤوا بما بدأ الله به " بصيغة الأمر ، ومع ذلك فقد قال " خذوا عني مناسككم " فيلزمنا أن نأخذ عنه من مناسكنا الابتداء بما بدأ الله به ، وفعله صلى الله عليه وسلم عملاً بالقرآن العظيم " .
انتهى من " أضواء البيان " ( 5 / 250 ، 251 ) .
قال علماء اللجنة الدائمة – في جواب : عمن بدأ بالمروة قبل الصفا وأضاف إليها شوطاً ثامناً - :
" إذا كان الأمر كما ذكرت من إتيانك بشوط ثامن مكمل لأشواط السعي السبعة على الوجه الصحيح : فسعيك صحيح ؛ لأن الشوط الأول الذي ابتدأتم به من المروة إلى الصفا [ يعتبر ] لاغياً ؛ حيث أتيتم به على غير الوجه المشروع " .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 259 ، 260 ) .
والله أعلم .
تعليق