الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

الحكمة من جعل صلاة الصبح ركعتين .

السؤال


لماذ كانت ركعات صلاة الفجر أقل من عدد الركعات في غيرها من الصلوات ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
فرض الله على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة ، وجعل عدد ركعات كل صلاة على ما هي عليه بحكمته وعلمه .
فعلينا التسليم والانقياد والطاعة ، وأن نقول كما قال الرسول والمؤمنون : ( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) البقرة /258 ، وانظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (65877) .
ثانيا :
روى البخاري (1090) ، ومسلم (685) عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا قَالَتْ: " فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ ".
قال ابن رجب رحمه الله :
" تريد عائشة - رضي الله عنها -: أن الله تعالى لما فرض على رسوله الصلوات الخمس ليلة الإسراء ، ثم نزل إلى الأرض وصلى به جبريل - عليه السلام - عند البيت ، لم تكن صلاته حينئذ إلا ركعتين ركعتين ، في الحضر والسفر، ثم أقرت صلاة السفر على تلك الحال ، وزيد في صلاة الحضر ركعتين ركعتين ، ومرادها: الصلاة الرباعية خاصة " انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (2/ 327) .
وروى ابن خزيمة (305)، وابن حبان (2738) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " فَرْضُ صَلَاةِ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ : زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ ، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ، وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ " وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على " صحيح ابن حبان ".
وفي رواية عند أحمد (26338) : " كَانَ أَوَّلَ مَا افْتُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ : رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ ، إِلَّا الْمَغْرِبَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعًا فِي الْحَضَرِ ، وَأَقَرَّ الصَّلَاةَ عَلَى فَرْضِهَا الْأَوَّلِ فِي السَّفَرِ " .
وحسنه محققو المسند .

ففي هذا الحديث بيان أن الصلاة فرضت أول ما فرضت ركعتين ركعتين ، فأقرت في السفر ، وزيدت في الحضر ، فزيدت صلاة الظهر والعصر والعشاء ركعتين ، وأقرت صلاة الفجر ركعتين من أجل تطويل القراءة فيهما ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يطول فيهما ما لا يطول في باقي الصلوات ، فكان تارة يصلي فيهما بالصافات ، كما رواه أحمد (4989) وحسنه محققو المسند ، وتارة بالروم ، كما عند أحمد أيضا (15873) وحسنه محققو المسند ، وتارة يقرأ فيهما ما بين الستين إلى المائة ، متفق عليه ، فلأجل تطويل القراءة في صلاة الصبح : أقرت ركعتين ، كما فرضت أول مرة ، لا أنها نقصت ركعتين لأجل تطويل القراءة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لَمَّا فَرَضَ اللَّه تَعَالَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِمَكَّةَ: فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : لَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ ، وَجُعِلَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَأُقِرَّتْ رَكْعَتَيْنِ ؛ لِأَجْلِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/ 114) .

ومثل هذا قصر صلاة الجمعة على ركعتين لأجل الخطبة ، فروى ابن الأعرابي في معجمه (1447) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا قَالَتِ : " افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّلَاةَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ اتَّخَذَهَا دَارَ هِجْرَةٍ ، وَأَقَامَ بِهَا زَادَ إِلَى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَإِلَّا صَلَاةَ الْغَدَاةِ يُطِيلُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ ، وَإِلَّا الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَصَلَاتَهَا رَكْعَتَيْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَةِ " .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَصُرَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ ، وَقَوْلُ عَائِشَةَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتْ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا فَجُعِلَتْ الْخُطْبَةُ مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ " انتهى من "المغني" (2/ 224) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب