الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يشرع للإمام أن يسلم على من في المسجد عند دخوله ؟

212039

تاريخ النشر : 21-05-2014

المشاهدات : 24759

السؤال


لدينا إمام مسجد عندما يدخل المسجد من خلف المصلين يقيم المؤذن الصلاة مباشرة ، ويتم له فسح المجال ، ولا يسلم على أي مصلي واقف بين الصفوف حتى يصل إلى مصلاه ، نصحته أن يسلم على المصلين حينما يدخل للمسجد ، كي يكسب محبة المصلين ، ويرزقنا الله تعالى الجنة بإفشائنا للسلام كما علمنا ذلك رسولنا الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم ، فرد عليّ بأن ذلك ليس من السنة ، ولم يفعله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ولا يوجد دليل بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم قد فعله ، فكيف أفعله أنا ! فاختلفنا ، فطالبت منه الدليل في ذلك ، فرد ثانية بأن أثناء إقامة الصلاة لا يجوز أن أسلم ، لعدم فعله صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك . فسؤالي هو : هل هذا الإمام محق في قوله ؟ وهل يجوز أن يأتي الإمام من خلف المصلين وبمسافة بعيدة ويقام للصلاة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
يشرع لمن دخل المسجد - إماما كان أو مأموما - أن يلقي السلام على أهل المسجد ؛ لعموم الأحاديث الواردة في الباب ، فالسلام يورث المحبة والوئام بين الناس ، وترك السلام يورث سوء الظن والضغائن والأحقاد في النفوس .
وقد تقدم في جواب السؤال رقم : (114225) أن مذهب جمهور العلماء : جواز السلام على المصلي إذا لم يؤد إلى تشويش أو تعريض صلاة جاهل للبطلان .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
إذا دخل الإنسان المسجد هل يسلم ؟
فأجاب : " يسلم على من في المسجد ، فإذا كان فيه أحد يسلم عليه قبل أن يشرع في الصلاة ، يسلم ثم يشرع في تحية المسجد أو في الراتبة ، ولو كان من في المسجد مشغولين فيسلم عليهم ، وإن كانوا يقرؤون ، فالذي يقرأ يمسك عن القراءة ، ويقول : وعليكم السلام . ثم يعود للقراءة " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (11/ 344) .

وسئل الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله :
بعض الناس عندما يدخل المسجد يلقي السلام ويكون الموجودون مشغولين ما بين مصل وقارئ للقرآن ، فهل يقرأ السلام في هذا الموقع ، وماذا عن رد السلام من قبل الجالس ؟
فأجاب :
" إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسلم عليه وهو يصلي ، ويرد السلام بالإشارة : فالداخل يسلم ، والقارئ يرد ، والجالس يرد ، والمصلي يرد بالإشارة أيضاً " انتهى .
http://www.khudheir.com/text/4086

ثانيا :
لا ينبغي التسرع بغير روية ووصف كل فعل لا يعرف الإنسان فيه دليلا مخصوصا أنه بدعة ، فقد يرى المجتهد أن هذا الفعل المعين يجلب منفعة راجحة ، وليس في الشرع ما ينفيه ، بل الأصول الشرعية تؤيده من حيث الأصل ، وتدل عليه ، فيكون ذلك من قبيل المصلحة المرسلة لا من قبيل البدعة .
انظر جواب السؤال رقم : (160876) .
فلو بحث الإنسان : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما دخل المسجد للصلاة سلم على أصحابه رضي الله عنهم ؟ فربما لا يجد ما يدل على ذلك ، فيرى أن فعل ذلك بدعة ، فيدخل المسجد وهو إمام الناس فيه ، فيوسع الناس له ، فيمضي بينهم مخترقا صفوفهم وجماعتهم ، وهم ينظرون إليه ، وهو لا يكلمهم ولا يسلم عليهم ، بدعوى أن ذلك خلاف السنة ، بل هو من البدعة عنده ، ولا يجوز فعله !

وفي مثل هذا الاجتهاد نظر ؛ فإن إفشاء السلام سنة ، وهو في المسجد آكد ، وإلقاؤه على المصلي لا حرج فيه ، وهو من أعظم أسباب حصول المحبة في النفوس والائتلاف بين الناس ، فيشرع فعله ، لا سيما إذا كان تركه يورث الشحناء والضغائن ، فمراعاة هذا كله من السنة ومن الدين .
وإذا كنا قد نترك العمل المستحب المشروع مراعاة للمصلحة الراجحة ، فلأن نعمل العمل الذي دلت النصوص على مشروعيته في الجملة ، بل على ذيوعه ونشره في كل وقت ، وإن لم يأت دليل بخصوصه في موضع معين ؛ إعمالا للأصل ومراعاة للمصلحة الراجحة : أولى وأحرى .
نعم : إذا دخل الإمام والمؤذن يقيم الصلاة ، فانشغل الناس بالقيام للصلاة وتسوية الصفوف ، فلا حرج على الإمام أو غيره إذا دخل ألا يلقي السلام ، والأمر في مثل هذا واسع .

وأما مسألة الدخول من خلف المسجد ، وشق طريقه إلى المحراب ؛ فمثل هذا يخضع لطبيعة المسجد ، وأبوابه المشرعة على الخارج ؛ فإذا كان للمسجد باب أمامي ، أقرب إلى المحراب ، من الباب الخلفي : فدخوله منه أولى وأحسن ، وأبعد عن تخطي الرقاب وشق الصفوف ، إلا أن يكون الباب الخلفي أرفق بالإمام ، وأقرب إلى طريقه .

وعلى كل حال : فلا ينبغي أن يكون مثل هذا العمل مثارا للنزاع والشحناء وتفرق القلوب ، وينبغي أيضا على المأمومين ألا يشنعوا على الإمام بمثل ذلك ، لا سيما إذا كان متأولا في فعله ، ولم يكن ذلك دأبه الدائم وعادته مع الناس في غير هذا المقام : أنه يترك السلام عليهم ؛ بل إنما يترك السلام في هذا الموضع تأولا أنه السنة ، فمثل هذا ينبغي ألا يشنع عليه ، ولا يؤذى بمثل ذلك ، بل يناصح ، ويبحث معه الأمر ، وإذا لم يتبين له أنه مخالف للسنة في مثل ذلك ، فنرجو ألا يكون عليه فيه بأس ولا حرج .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب