الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

ليس من شروط صحة الصيام أن تصلي في جماعة

السؤال


ما حكم صيام من ترك صلاة الجماعة في المسجد عند الموجبين لها ؛ لأن الرجل الذي يصلي بالناس يلحن لحنا جليا في الفاتحة ، وفي هذه الحالة هل يجب على هذا الشخص أن يُجبر أمه لتصلي معه جماعة في البيت ، أم حتى ولو صلى منفردا في البيت يكتب له أجر الجماعة إذا كان هذا الشخص يتحسر ويحزن على ترك المسجد ؟

الجواب

الحمد لله.


ليس من شرط صحة الصيام المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد ، حتى عند الفقهاء الذين قالوا بوجوب صلاة الجماعة ، لم يقل أحد منهم قط إن الصيام لا يصح إلا بذلك ، أو إن الصيام يحبط أجره بسبب الصلاة منفردا ، فعدل الله عز وجل وكرمه أعظم من إحباط عمل عظيم وعبادة جليلة كالصيام ، بسبب تقصير في عبادة أخرى وهي صلاة الجماعة ، وقد قال الله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/40 ، وقال سبحانه : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة/7- 8.
والنصيحة للسائل أن يتنبه إلى ما ورد في سؤاله من صور تؤول إلى التنطع والتكلف المذموم :
أول ذلك الربط بين صحة الصيام وصلاة الجماعة ، وقد سبق بيان الحكم فيه .
والثاني : الاستفهام عن "إجبار الأم" على صلاة الجماعة مع ابنها ، والمسلم يعلم ما للوالدين من حق عظيم عند الله تعالى ، وما يجب على الابن تجاههما من خفض جناح الذل ولين الجانب وطيب القول وأدب المعاملة ، فكيف يجتمع مع ذلك إجبار وإكراه ، وهل يُجبَر أحد على عبادة !! أم هل تصح مع الإكراه عبادة !! فكيف إذا كان الإكراه واقعا على الوالدة التي لها أوفر نصيب من الإجلال والبر والإحسان !!
هذا كله يدعونا إلى نصحك للتأمل مرة أخرى في سبب تركك صلاة الجماعة في المسجد ، لعل في الأمر سعة وأنت لا تعلم ، ولعل الشيطان يدفعك إلى المبالغة في هجر الجماعة بما يخيله إليك من لحن جلي يبطل الفاتحة وصلاة الإمام . ولا تستبعد ذلك ، فالشيطان يقعد للإنسان بكل طريق ليصده عن سبيل الله ، وليحثه على التنطع والتكلف في أمور دينه ودنياه ، فإياك أن تكون فريسة سهلة لوساوسه ، وتحصن بالعلم والتوسط والاعتدال .
وعلى كل حال ، فمن أخذ بأسباب الجماعة ، وحرص عليها ، وسعى إليها ، ولم يحجزه عنها سوى عذر شرعي صحيح متفق عليه ، كمرض أو نحو ذلك ، رجونا أن يكتب الله عز وجل له أجر صلاة الجماعة كاملا ، كرما منه سبحانه ، كما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ) رواه البخاري (2996) .
يقول العلامة السعدي رحمه الله :
" الأعمال إنما تتفاضل ويعظم ثوابها بحسب ما يقوم بقلب العامل من الإيمان والإخلاص ، حتى إن صاحب النية الصادقة - وخصوصاً إذا اقترن بها ما يقدر عليه من العمل - يلتحق صاحبها بالعامل ، قال تعالى : ( وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ ) [النساء:100] ، وفي الصحيح مرفوعاً : ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ ما كان يعمل صحيحاً مقيماً ) ، ( إن بالمدينة أقواماً ما سِرْتُم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم – أي : في نياتهم وقلوبهم وثوابهم - حبسهم العذر ) وإذا هم العبد بالخير ، ثم لم يقدر له العمل ، كتبت هِمَّته ونيته له حسنة كاملة " .
انتهى من " بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار " (ص16) .
وللمزيد ينظر الجواب رقم : (194317) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب