الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

حكم بيع مجوهرات مطلية بالذهب على النت لنساء لا يدري أيستعملنها استعمالا مباحا أو محرما

244964

تاريخ النشر : 26-12-2016

المشاهدات : 26616

السؤال

قمت مؤخرا بإنشاء متجر إلكتروني ، إحدى السلع التي أبيعها هي : مجوهرات ، قد تكون مطلية بذهب ، أو تحتوي على ذهب 18K ، أو 14K بنسب صغيرة سؤالي هو : هل يجوز بيع هذه السلع على الإنترنت ؟ علما أنني أستخدم paypal لاستلام وتحويل الأموال ، وهو يقوم بخصم سعر السلعة مباشرة من المشتري ، ولكنه قد يتأخر في تسليم المال إلى حسابي سؤال آخر : ما حكم بيع مثل هذه المجوهرات للنساء الغربيات المتبرجات ؟ حيث أنني أبيع من خلال الإنترنت ، وأجهل هل المشترية مسلمة أم كافرة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
المجوهرات المطلية بالذهب أو التي بها بعض قطع من الذهب لها حالتان :
الأولى : أن يكون الذهب الذي فيها مقصوداً للمشتري .
بأن يكون الذهب كثيرا ، ويهتم به المشتري ، فيسأل عن نوعه ووزنه ... ونحو ذلك .
وفي هذه الحالة يشترط لصحة البيع حصول التقابض في مجلس العقد ، ولا يجوز تأخير تسلم الثمن حتى لا يقع المشتري والبائع في الربا .
الحالة الثانية : أن يكون الذهب غير مقصود للمشتري ، وإنما قصده المجوهرات ، ويُعلم ذلك بكون الذهب يسيرا ، كمجرد طلاء أو قطع صغيرة لا يهتم بها المشتري ولا يسأل عنها .
وفي هذه الحالة لا تنطبق أحكام الربا على هذا البيع ، فيجوز البيع ولا يشترط التقابض .

وقد نص على ذلك أهل العلم ، قال ابن قدامة في "المغني" (4 / 30): " وإن باع ما فيه الربا بغير جنسه، ومعه من جنس ما بيع به، إلا أنه غير مقصود، كدار مموه سقفها بالذهب، جاز. لا أعلم فيه خلافا. وكذلك لو باع دارا بدار مموه سقف كل واحدة منها بذهب أو فضة، جاز؛ لأن ما فيه الربا غير مقصود بالبيع. فوجوده كعدمه" انتهى.

وقد ذكر العلماء أنه لو اشترى رجل عبداً واشترط أن يكون ماله معه ، فإن كان المال مقصودا للمشتري اشترط العلم به ، وانطبقت عليه أحكم الربا إن كان المال جنسا ربويا ، أما إذا كان المال غير مقصود للمشتري ، فلا يشترط العلم به ، ولا يجري فيه الربا .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (9/45-47) :
لكن هنا يشكل علينا إذا قدرنا أن هذا العبد عنده عشرة آلاف ريال نقداً، واشتراه المشتري بمائة ألف ، واشترط أن المال الذي معه يتبعه ... فهل يصح هذا أو لا ؟
الجواب: فيه تفصيل يقول المؤلف:
فإن كان قصده المال : اشتُرط علمه ، وسائر شروط البيع وإلا فلا ؛ يعني إذا كان قصده المال فلا بد من علمه بالمال ، وسائر شروط البيع، أي: كل شروط البيع الثمانية، ولا بد أن يكون خالياً من الربا وإلا فلا.

إذاً كيف نعلم أن قصده المال أو أن قصده العبد؟
نعلم ذلك بالقرائن، إذا كان هذا الرجل محتاجاً إلى خادم ـ أعني المشتري ـ ويبحث عن رقيق يملكه ويجعله خادماً له، لكنه اشترط أن يكون ماله تبعاً له؛ لأنه لا يحب أن يصرف هذا العبد عن تصرفه الذي كان عليه من قبل؛ لأن المال لو أخذه البائع الأول ، ربما يتأثر العبد، فاشترط أن يكون ماله تبعاً له من أجل راحة العبد ، فهنا: لا يشترط علمه بالمال، ولا يشترط ألاّ يكون بينه وبين عوضه ربا، ولا يشترط أي شيء من الشروط .
فلو قيل للمشتري: أنت اشترطت أن يكون ماله تبعاً له، فهل تعلم ماله؟
قال: لا، ما أعلمه، لكنني لا يهمني المال، يهمني العبد .
قلنا: لا يضر أن تجهل المال؛ لأن قصدك العبد .
لكن لو قال المشتري: قصدي المال، حيث إني رأيت هذا العبد يتجر في محل تجارة ، وهو ناجح، والمحل فيه أنواع من التجارة .
فنقول: إنما الأعمال بالنيات، فما دام قصدك المال ، لا بد أن تجرد المال كله، حتى علبة الكبريت، ولا بد أن يكون هذا المال لا يجري فيه الربا بينه وبين الثمن، فليفرد المال بعقد ، والعبد بعقد آخر، حتى لا تقع في الربا ، ولا بد أن يكون المبيع مشاهداً معلوماً، المهم أنه يشترط جميع شروط البيع.
فإذا قال قائل: ما الدليل؟ قلنا: عندنا حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ هذا الحديث العظيم الذي تنبني عليه كل مسائل الدين وهو: (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى) ، فإن كان يريدهما جميعاً فلا بد من علمه وسائر شروط البيع" انتهى .

ثانيا: بيع هذه المجوهرات لمن يستعملها في المباح ، كامرأة تتزين بها لزوجها أو أمام محارمها أو جمع من النساء : جائز .
وأما بيعها لمن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أنه يستعملها في الحرام كامرأة تتبرج بها أمام الرجال الأجانب فهذا حرام .

فإن جهل حال المشتري ولم يعلم هل سيستعملها في الحلال أو الحرام فالعبرة حينئذ بغالب حال أهل البلد أو المكان الذي يباع فيه ، فإن كان الغالب على أهله التقوى والتورع عن استعمالها في الحرام جاز البيع لهم ، وإن كان الغالب عليهم الفسوق والانحلال امتنع البيع لهم ، وقد سبق بيان هذا الحكم في الفتوى رقم : (85000) ، ورقم:(90193) .
وليس من الصعب ولا العسير أن تتبين البلدة الذي يتم الشراء منها من خلال النت فإذا تبينت البلد علمت الغالب على أهلها من التقوى وعدمها.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب