الحمد لله.
لا حرج في صناعة الملابس وخياطتها ، من عباءات وغيرها ، بشرط ألا تكون مما يستعان به على المحرم ، كالملابس التي تتبرج بها النساء ، وتظهر زينتها أمام الرجال الأجانب عنها؛ لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
وإذا كان اللباس مما يستعمل في الخير والشر ، فتلبسه بعض النسوة في البيت ، وتتبرج به أخريات ، فإن عُلم حال المشتري ، فلا إشكال ، فيباع ويصنع لمن عُلم أنه يريده في الخير دون الشر . وأما إن جهل حال المشتري أو المستصنع ، فيعمل الصانع أو البائع بما غلب على ظنه ، فإذا غلب على ظنه أن المشتري سيستعمله في الحرام حرم عليه صنعه ، وإن غلب على ظنه أنه سيستعمله في المباح ، فلا حرج عليه في صنعه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "شرح العمدة" ( 4/386) : " وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية ، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/109) : " كل ما يستعمل على وجه محرم ، أو يغلب على الظن ذلك ، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين ، ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله من لبس الملابس الشفافة والضيقة والقصيرة ، ويجمع ذلك كله : إظهار المفاتن والزينة ، وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب " انتهى .
فينبغي أن تنصح لوالدتك ، وتبين لها التفصيل السابق ، وأن المال الناتج عن صناعة ما هو محرم ، مال خبيث لا خير فيه ولا بركة ، وأنه يتعين الاكتفاء بصناعة ما هو مباح شرعا ، والمرجو أنها ستستجيب لذلك ، فإن أصرت على صناعة ما هو محرم ، فلا حرج عليك في الأكل من طعامها والانتفاع بأموالها ؛ لأنك إنما تأخذ الأموال بطريق مباح وهو النفقة ، وتحريم هذه الأموال لا يتعلق بك ، بل يتعلق بوالدتك فقط لأنها هي التي اكتسبتها بطريق محرم ، مع التنبيه أن أموالها فيها الحلال والحرام ، فليست كلها حراما ، وهذا أيضا يؤيد جواز انتفاعك بهذه الأموال .
والله أعلم .
تعليق