الحمد لله.
أولا:
زكاة الفطر واجبة على من ملك صاعا من طعام زائدا عن حوائجه وحوائج من يعول يوم العيد وليلته.
قال في " دليل الطالب" (ص83): " وهي واجبة على كل مسلم يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، بعد ما يحتاجه ...
وتلزمه عن نفسه، وعن من يمونه من المسلمين، فإن لم يجد لجميعهم ، بدأ بنفسه، فزوجته ، فرقيقه، فأمه، فأبيه، فولده، فأقرب في الميراث" انتهى .
ثانيا:
يلزم الرجل إخراج الزكاة عن أبنائه الصغار الذين لا مال لهم، فإن كان لهم مال ، فالزكاة عليهم من مالهم، وكذا إن كانوا بالغين ، فالزكاة عليهم.
قال النووي رحمه الله : "إذا لم يكن للطفل مال ، ففطرته على أبيه ، لزم أباه فطرته بالإجماع ، نقله ابن المنذر وغيره ، وإن كان للطفل مال ففطرته فيه . وبه قال أبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور" انتهى من "المجموع" (6/108).
وقال أيضاً (6/77) : "... فإذا كان الطفل موسراً ، كانت نفقته وفطرته في ماله ، لا على أبيه ولا جده ، وبه قال أبو حنيفة ومحمد وأحمد وإسحاق . وحكى ابن المنذر عن بعض العلماء : أنها على الأب فإن أخرجها من مال الصبي عصى وضمنه" انتهى .
وقد سبق بيان أنه إذا توفي الأب أو كان فقيراً لا يستطيع النفقة على أولاده ، وكانت الأم غنية ، وجبت النفقة عليها تجاه أولادها المحتاجين للنفقة .
وحينئذ ، فإذا كانت الأم تنفق على أبنائها الصغار ، فإن فُطرتهم ، تجري مجرى النفقة ، ويلزمها إخراجها عنهم ، إذا لم يكن لهم مال .
ينظر جواب السؤال رقم : (111811) ، ورقم: (149347) .
ثالثا :
يجوز أن تعطي المطلقة زكاتها وزكاة أولادها لمطلقها، ما دام فقيرا، ولا يضر احتمال أن يأخذ المال ثم ينفقه على أولاده، فيعود إليهم؛ لأمرين:
الأول: أن هذا مالها، وليس مال الأولاد.
الثاني: أنه لا يضر المزكي والمتصدق لو عاد إليهما مالهما بوجه آخر ، ولهذا كان الراجح أن الزوجة لها أن تدفع الزكاة لزوجها، ولو فرض أن زوجها سينفقه عليها فيعود إليها.
ونظير ذلك: ما لو دفع الزكاة إلى غريم له فأخذها من بعد قبضها من دينه فإنه يجوز.
ويؤيد ذلك حديث أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقَالَتْ لَا إِلَّا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ إِلَيْنَا نُسَيْبَةُ مِنْ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثَتْ بِهَا مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ: (إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا) " رواه البخاري (1494) ، ومسلم (1076).
فهو يدل على أن المحتاج إذا تُصدق عليه بشيء فإنه يملكه ويصير كسائر ما يملكه، فله أن يهديه أو يبيعه ونحو ذلك كما يتصرف في سائر أمواله بلا فرق .
قال ابن حجر رحمه الله
تعليقًا على هذا الحديث: " ويستنبط من هذه القصة جواز استرجاع صاحب الدين من الفقير
ما أعطاه له من الزكاة بعينه، وأن للمرأة أن تعطي زكاتها لزوجها ولو كان ينفق عليها
منها، وهذا كله فيما لا شرط فيه " انتهى من "فتح الباري" (5/242).
وينظر: "مجلة البحوث الإسلامية" (95/166).
والله أعلم.
تعليق