الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

اشترى سيارة بعد فحصها، ثم وجد بها عيبا لم يعلمه البائع فهل له الخيار

السؤال

أخي اشترى سيارة مستعملة، وبقيت عنده ما يفوق السنتين يركبها ويسافر بها ولم يصبها شيء خلال هاته الفترة، وقبل ما يفوق شهرين من الآن، باع أخي هذه السيارة على الحال التي كانت عليه بعد أن فحصها حرفي جاء به المشتري و بعد مرورها في الفحص التقني الذي يعتبر إجبارياً للبيع عندنا في المغرب. الآن اتصل مشتري السيارة بأخي وقال له أن السيارة بها عيب، وهو أن سقفها مستبدل يعني أنها ربما تعرضت لحادث . الآن أخي محتار، فهل عليه إثم ؟ وهل هذا البيع يعد صحيحا شرعا ؟ وهل يلزم أخي تعويض المشتري عن هذا العيب علما أنه باع سيارته لحاجته بالمال ؟ و جزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من اشترى سيارة ثم اطلع على عيب فيها، وهو كل ما ينقص قيمتها، فله الخيار بين رد السيارة، أو إمساكها وأخذ تعويض من البائع مقابل هذا العيب ، ويسمي الفقهاء هذا التعويض : الأَرْش.

قال في كشاف القناع (3/ 218) : " من اشترى معيبا لم يعلم حال العقد ، (عيبه ثم علم بعيبه) فله الخيار، سواء علم (البائع) بعيبه (فكتمه) عن المشتري، (أو لم يعلم) البائع بعَيْبه ...... :

(خُيِّر) المشتري (بين رده) ، استدراكا لما فاته، وإزالةً لما يلحقه من الضرر في بقائه في ملكه ، ناقصا عن حقه ....

(و) إذا رده (أخذ الثمن كاملا) لأن المشتري بالفسخ استحق استرجاع جميع الثمن ...

(وبين إمساك) المبيع (مع أرش) العيب ، (ولو لم يتعذر الرد .

رضي البائع) بدفع الأرش ، (أو سخط) به ؛ لأن المتبايعين تراضيا ، على أن العوض في مقابلة المعوض ، فكل جزء من العِوَض ، يقابله جزء من المُعَوَّض ؛ ومع العيب : فات جزء منه ، فيرجع ببدله ، وهو الأرش" انتهى باختصار.

وعُلم بهذا : أن خيار العيب يثبت ، سواء علم البائع بالعيب ، أم لا، وسواء فحص المشتري ، أم لا ؛ فمتى اكتشف العيب ، كان له الخيار.

وإذا كان أخوك لا يعلم بالعيب، فلا إثم عليه، لكن للمشتري الخيار بين رد السيارة، وبين إمساكها وأخذ الأرش.

والأرش هو الفرق قيمة السيارة معيبة، وقيمتها صحيحة، مأخوذا من الثمن.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله موضحا ذلك:

" قوله: بأرشه، وهو قسط ما بين قيمة الصحة والعيب .

والأرش فسَّره المؤلف: بقوله: قسط، أي: قسط ما بين قيمة الصحة والعيب .

وقال: قيمة ، ولم يقل: ثمن، والفرق بين القيمة والثمن، أن القيمة هي ثمنه عند عامة الناس، والثمن هو الذي وقع عليه العقد .

فإذا اشتريت ما يساوي ثمانية ، بستة، فالقيمة ثمانية ، والثمن الستة ...

ولهذا قال: قسط ما بين قيمة الصحة والعيب : فيقوَّم هذا الشيء صحيحاً ، ثم يقوم معيباً، وتؤخذ النسبة التي بين قيمته صحيحاً ، وقيمته معيباً، وتكون هي الأرش، فيسقط نظيرها من الثمن .

ويكون التقويم وقت العقد، لا وقت العلم بالعيب، لأن القيمة قد تختلف فيما بين وقت العقد ، والعلم بالعيب. " انتهى من الشرح الممتع (8/ 318).

ولأخيك أن يرجع على من باعه أولا، فيطالبه بأرش العيب.

ثانيا:

ما تقدم من أن المشتري هو صاحب الخيار، وأن له أن يتمسك بالسيارة ، ويطالب بالأرش، هو رأي الجمهور.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا خيار له في أخذ الأرش، بل إما أن يرد السلعة، أو يمسكها مجانا، ولا يكون الأرش إلا برضا البائع.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: أو رده وأخذ الثمن أي: لك أن ترد المبيع وتفسخ البيع ، وتأخذ الثمن، فالمشتري بالخيار . هذا ما ذهب إليه الفقهاء رحمهم الله .

لكن شيخ الإسلام يقول: إما أن يأخذه مجاناً ، وإما أن يرده . أما الأرش فلا بد من رضا البائع لأنه معاوضة .

فالبائع يقول: أنا بعت عليك هذا الشيء ، إما أن تأخذه ، وأما أن ترده، أما الأرش فهذا يعتبر عقداً جديداً .

وما ذهب إليه الشيخ وجيه ؛ إلا إذا علمنا أن البائع مدلس ـ أي عالم بالعيب لكنه دلس ـ فهنا يكون الخيار بين الإمساك مع الأرش ، وبين الرد، معاملة له بأضيق الأمرين .

وكذلك يقال في خيار التدليس وخيار الغبن" انتهى من الشرح الممتع (8/ 319).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب