الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز للمحرم تخليل لحيته في الوضوء ؟

268548

تاريخ النشر : 03-07-2017

المشاهدات : 11074

السؤال

هل أخلل لحيتي في الوضوء أثناء العمرة ، أو الحج ، علما أنه من الممكن أن تكون لحيتي جافة فيجب تخليلها بقوة ، ومن الممكن سقوط شعر، فكيف أخلل لحيتي؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

المحرم ممنوع من تعمد إزالة الشعر من جميع بدنه سواء في ذلك رأسه ولحيته أو غير ذلك، لقوله تعالى : ( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ )  البقرة / 196 .

ويجوز للمُحرِم دلك رأسه ولحيته وتخليلهما برفق ، إذا أمن تساقط شعره بمثل ذلك .

ودليله ما رواه البخاري (1840) ومسلم (1205) عن عبد الله بن حنين أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ العَبَّاسِ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ المِسْوَرُ: لاَ يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ: لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، وَقَالَ: (هَكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ) .

قال الشيخ ابن عثيمين عند شرحه حديث المسور وابن عباس :

" هذا دليل على جواز غسل المحرم رأسه وتخليله إياه " انتهى من "صحيح البخاري" (ص20) بترقيم الشاملة .

ثانيا :

إن خشي المحرم سقوط شيء من لحيته ، فإنه يخللها برفق ، أو يدلكها بكف من ماء ، يغمرها به .

قال الشيخ ابن عثيمين :

" تخليل اللحية له صفتان :

الأولى: أن يأخذَ كفًّا من ماء ، ويجعله تحتها ويَعْرُكَها حتى تتخلَّلَ به .

الثانية: أن يأخذ كفًّا من ماء ، ويخلِّلَها بأصابعه كالمشط . ينظر "الشرح الممتع" (1/173) .

وقال ابن حجر في سياق فوائد حديث المسور وابن عباس السابق :

" جَوَازُ غَسْلِ الْمُحْرِمِ وَتَشْرِيبِهِ شَعْرَهُ بِالْمَاءِ وَدَلْكِهِ بِيَدِهِ إِذَا أَمِنَ تَنَاثُرَهُ...

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ تَخْلِيلَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ بَاقٍ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُكْرَهُ كَالْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ خَشْيَةَ انْتِتَافِ الشَّعْرِ ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ : (ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ) .

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ شَعْرَ الرَّأْسِ أَصْلَبُ .

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى ، فِي حَقِّ بَعْضٍ ، دُونَ بَعْضٍ . قَالَهُ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ وَاللَّهُ أعلم ". انتهى من "فتح الباري" (4/57) .

وقال الخطيب الشربيني :

" ظَاهر كَلَام المُصَنّف فِي سنّ التَّخْلِيل : أَنه لَا فرق بَين الْمحرم وَغَيره ، وَهُوَ الْمُعْتَمد ، كَمَا اعْتَمدهُ الزَّرْكَشِيّ فِي "خادمه" ، خلافًا لِابْنِ الْمقري فِي "رَوْضَه" تبعا للمتولي .

لَكِن الْمحرم يخلل بِرِفْق ، لِئَلَّا يتساقط مِنْهُ شعره ، كَمَا قَالُوهُ فِي تَخْلِيل شعر الْمَيِّت " انتهى من "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/50) .

والخلاصة : يشرع للمُحرم أن يخلل رأسه ولحيته عند وضوئه ، ويخللها برفق .

فإن خشي تساقط شيء من شعره ، فإنه يدلكها بكف من الماء دون أن يمشطها بأصابعه .

فإن سقط منه شيء ، من غير فعل يؤدي إلى تساقطه : فلا حرج عليه ؛ لأنه لم يتعمد قطعه .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" ما يسقط من رأس المحرم ولحيته ، وقت الوضوء والغسل ، من غير قصد : يعفى عنه ، لكونه شعراً ميتاً .

وهكذا الحكم في حق من يريد التضحية بعد دخول العشر .

وإنما المحرَّم : تعمد قطع شيء من ذلك في الإحرام ، أو بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي " انتهى من " فتاوى إسلامية " (2 /713).

وينظر تفصيل حكم "تخليل اللحية" لغير  المحرم ، في جواب السؤال رقم (85031) ورقم (110261) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب