الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

سوت بين أولادها الذكور والإناث وأعطت لكل منهم شقة

272305

تاريخ النشر : 13-11-2017

المشاهدات : 26225

السؤال

نحن خمس إخوة ولدان وثلاثة بنات ، لا نملك من حطام الدنيا شيئا ، كان لوالدتنا قطعة أرض عُرض عليها أن تبيعها بملبغ طيب فباعتها ، واقترح أحد الأبناء شراء عمارة سكنية ست شقق ، وتوزع علينا لكل واحد شقة ، وافق الجميع على ذلك ، وتم شراءها ، وعشنا فترة على ذلك ، مرضت الأم فجمعت أبنائها وذكرتهم بالاتفاق المبرم ، ووافق الجميع وأوصت حتى لا يحدث خلاف بيننا أن الشقة التي كانت لها يستفاد من إيجارها لنفقات العمارة ، ماتت الأم وبقي الأبناء على ذلك 10 سنوات ، منا من يسكن شقته ، ومنا من يؤجرها ويستفيد منها ، المشكلة أن هذا الأمر لم يوثق في المحكمة ، وبعد فترة طالب الولدان بأن تقسم التركة العمارة حسب الشرع للذكر مثل حظ الأنثيين ، وأن هذه وصية باطلة وذلك الاتفاق غير صحيح ، فما الحل الآن ؟ وماذا يقول الشرع في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

ما قامت به الأم من إعطاء كل ولد من أولادها شقة، يعتبر هبة في حياتها، ويلزم فيها العدل بين الأولاد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) رواه البخاري (2587).

وقد اختلف الفقهاء في صفة العدل بين الذكور والإناث في الهبة، فمنهم من قال: إن العدل هنا هو التسوية بين الذكر والأنثى، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حزم.

ومنهم من قال: العدل أن يعطى الذكر مثل الأنثيين، كما في الميراث، وهو مذهب أحمد.

وينظر جواب السؤال رقم (22169) ، (67652) .

وعلى كلا القولين : فلا حق للولدين أو غيرهما في المطالبة برد الهبة ، وتغيير الأمر عما فعلته الأم .

أما على قول جمهور العلماء : فهذه هبة عادلة ، أخذ كل من الأبناء حقه فيها : فلا حق لأحد في ردها ، ولا الاعتراض عليها ، سواء رضي ، أو لم يرض .

وأما على مذهب الحنابلة ، الذين يرون أن العدل في الهبة ، يكون على قياس القسمة في الميراث ، فلا حق للولدين أيضا في الرجوع في ذلك الأمر ، أو تغييره لأمرين :

الأمر الأول : أن هذه القسمة وقعت بموافقة الجميع ، ورضاهم ، وتسلم كل منهم حقه : فلا حق لأحد في الرجوع في ذلك ، أو طلب تغييره ، حتى لو تغير رأيه بعد ذلك ، ورفض بعد موافقته ، فلا عبرة بخالفه ، بعد وفاقه .

الأمر الثاني : أنه لو افترض عدم رضا بعض الأبناء ؛ فإن هذه القسمة لازمة ، ولا يحل نقضها ولا الرجوع فيها ؛ لأن مثل هذه المسائل التي فيها خلاف معتبر ، إذا مضت العقود ، أو قُبضت الهبات ، ونحو ذلك ، على وفقها : لم ينقض ما سبق منها .

ويتأكد ذلك : في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها مع القول المخالف ، وإنما هو اجتهاد في فهم النص ، وتطبيقه ، وتفاوت في وجهات النظر ، والتأويل .

وينظر للفائدة : جواب السؤال (222773).

وعليه : فالأمر كما تم، لكل واحد منكم شقة، لا ينازَع فيها، لا فرق بين ذكر وأنثى.

ثانيا:

وصية والدتكم لا اعتبار لها؛ لأن الهبة قد تمت في حياتها، وحصل القبض للهبة، فلزمت.

وإنما هذه الوصية تأكيد، وحث على البقاء على ما كان ، وتجنب الخلاف، فلا يقال: إن الوصية لوارث ممنوعة .. إلخ .

بل هذه المسألة من مسائل الهبة والتبرع في الحياة، لا من مسائل الوصية والإرث.

وأما شقة الوالدة، فهي التي من قبيل الوصية لأولادها، فالأمر فيها للورثة – أولادها وغيرهم إن كان لها وارث سوى أولادها - إن شاؤوا أنفذوها، وجعلوا أجرتها لنفقة العمارة، وإن شاؤوا اقتسموها قسمة الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب