الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

يتفق على أعمال كالكتابة والترجمة والتصميم ثم يستأجر غيره للقيام بها

السؤال

إن بيع ما لا يملكه الشخص هو من البيوع المحرمة، وهذا يشمل كل الأشياء لا البضائع وحدها، فهل هذا صحيح؟ هناك مخارج للإنسان كي لا يبيع سلعة لا يمتلكها لكن المشكلة أن الخدمات ليست كالسلع والمنتجات الملموسة والتي أستطيع شراءها ثم إعادة بيعها، لأنه مثلا في خدمة التصميم كل شخص يريد تصميما معين وكذلك في الكتابة كل يريد موضوعا معينا، وكذا البرمجة والتطوير... فلا يمكن معرفة ما يريده كل عميل حتى يطلب الخدمة ويقوم بشرح ما يريد أنا أريد أن أقوم بتقديم الخدمات على شبكة الإنترنت ومن ضمن هذه الخدمات: (كتابة وترجمة، تصميم، برامج، تطوير المواقع...الخ) بعضها يأخذ مني وقتا وبعضها لا أتقنه، فوجدت من يقوم ببعض هذه الخدمات بثمن أقل مني. فهل أستطيع عرضها للعملاء مع أن بعضها لا أتقنه ثم حين يطلب العميل خدمة ما أطلبها بدوري من الشخص الذي يقدمها بثمن أقل مني؟ وهل يجب أن يكون اتفاق مسبق بيني وبين هذا الشخص؟ ملاحظة مهمة: هذه المواقع التي نعمل فيها وتقدم هذه الخدمات لا يحول المبلغ فيها إلى صاحب الخدمة حتى يتوصل العميل بطلبه ويوافق عليه. المرجو التفصيل في هذا الأمر لكي يتبين لي الأمر بارك الله فيكم وزادكم علما.

الجواب

الحمد لله.

هناك فرق بين بيع الإنسان ما لا يملك من السلع والبضائع، وبين التعاقد على عمل في الذمة، وهذا يكون إجارة واستصناعا، ويجوز فيهما أن يتفق الإنسان على أداء عمل معين، ثم يعهد به إلى من يعمله بأجرة أقل، ليأخذ الفرق، إلا إذا كان الاتفاق أن يتولى العامل الأول العمل بنفسه ، أو كان اختياره مقصودا ، لميزة خاصة فيه يطلبها المستأجر من الأجير بنفسه ؛ كمن استأجر خطاطا أو مصمما معروفا .

قال في "كشاف القناع" (3/ 566) : "وإذا تقبّل الأجير عملا في ذمته بأجرة ، كخياطة أو غيرها: فلا بأس أن يُقَبّله غيره ، بأقل من أجرته" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "لو أن الإنسان استؤجر على عمل في الذمة ، بأن قيل له : نريد أن تنظف هذا البيت كل يوم ، ولك في الشهر مائة ريال ، فاستأجر من ينظف البيت كل يوم ، على حسب ما حصل عليه العقد ، لكن بخمسين ريالا : يجوز ؛ لأن هذا من جنس ما إذا قلنا : إنه يجوز أن يؤجر بقية مدته بأكثر من الأجرة .

وعلى هذا عمل الناس اليوم ، تجد الدولة ـ مثلا ـ تتفق مع شركة على تنظيف المساجد ، كل مسجد الشهر بكذا وكذا ، ثم إن هذه الشركة تأتي بعمال يقومون بما تم عليه العقد ، بأقل من ربع ما اتفقت الشركة مع الحكومة عليه .

إلا إذا كان الغرض يختلف بالنسبة للمستأجر ، فإذا كان يختلف : فهذا لا يجوز .

مثل : إنسان استأجرته لينسخ لك "زاد المستقنع" [كتاب في الفقه الحنبلي] ، وتعرف أن الرجل خطه جيد ، وأن خطأه قليل ، فاستأجر إنسانا خطه جميل ، يخطه بأقل مما أجرته به = يقول العلماء : إنه لا يجوز؛ لأن العبرة بالنسخ ، وليس بجمال الخط فحسب ، ولكن بجمال الخط ووضع الفواصل والعلامات والإملاء ، كم من إنسان خطه من أجمل الخطوط ، لكن في الإملاء يكتب (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) الفاتحة/7 ، بالظاء المشالة في الموضعين ، فهذا خطأ في الإملاء ، وكثير من الطلاب خطوطهم جميلة ، لكن في الإملاء ليس عندهم قاعدة ، وكثير من الناس خطه رديء ، ولا يعرف قراءته إلا من تمرن عليه ، ولكنه في الإملاء جيد ، المهم ، على كل حال : ما يختلف فيه الغرض ، لا يجوز لأحد أن يقيم مقامه غيره" انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 39) .

وفرق كذلك بين بيع سلعة معينة لا يملكها الإنسان، وبين بيع سلعة موصوفة في الذمة، وهو ما يعرف ببيع السلم، وهو مستثنى من بيع ما لا يملك، وانظر: جواب السؤال رقم (184816).

لكن ما يخص مسألتك هو الإجارة، فيجوز أن تعرض القيام بالكتابة والترجمة والتصميم ونحو ذلك، وتتفق على أجرة وعمل معينين، ثم تستأجر من الباطن من يقوم بذلك ، إلا إذا كان العميل يريد منك أن تقوم بالعمل بنفسك .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب