الاثنين 4 ربيع الآخر 1446 - 7 اكتوبر 2024
العربية

من سافر جهة الغرب فتأخر وقت الصلاة ووقت الإفطار مع غروب الشمس في البلد الذي خرج منه

السؤال

سافر رجل نيجيري إلى كوريا، كان صائما في نيجيريا على أمل أن يفطر في كوريا، وفي طريقه صلّى الظهر والعصر جماعة داخل الطائرة مع ركاب مسلمين آخرين، وكان يأمل أن يصلّي المغرب في كوريا، وأن يُفطِر هناك، المُثير للدهشة أنّه التقى بأشخاص كانوا يؤذنون لصلاة الظهر، نظر إلى ساعة الحائط في المسجد، وكانت الساعة الواحدة والنصف ظهرا، وما زالت الشمس مُشرقة في كوريا، كان في حَيرة من أمره فاتّصل بزوجته في نيجيريا، وأخبرته أنهم قد تناولوا الإفطار في نيجيريا، وأنهم قد صلّوا التراويح وذهبوا إلى النوم، وكان الوقت في نيجيريا التاسعة مساءً، فهل ُيواصل صيامه تماشيًا مع الوقت الذي كان في كوريا؟ وأيضا هل يصلّي الظهر معهم أم يصلّي المغرب ويُفطر بناءً على ما أخبرته زوجته عن نيجيريا؟

ملخص الجواب

من دخل عليه الوقت فصلى ، ثم وصل إلى وجهته، والوقت قد دخل، أو لم يدخل، فإنه لا يلزمه أن يعيد الصلاة التي صلاها؛ لأن الصلاة لا تصلى مرتين في يوم واحد؛ فمتى وقعت صحيحة ، لم تلزمه إعادتها . وأما الصائم فلا يفطر حتى تغرب الشمس مهما تأخر غروبها إذا كان يسير جهة الغرب، ولا عبرة بغروبها في البلد الذي خرج منه ، ما دام لم يدرك هذا الغروب قبل خروجه.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من سافر متجها غربا، فوصل وجهته في وقت الظهر، وكان قد صلاها في طريقه، لم يلزمه إعادتها، لأن الصلاة لا تصلى مرتين، ومعلوم أنه مع الاتجاه غربا يتأخر دخول وقت الصلاة.

وكذا لو كان صلى العصر، لم يلزمه إعادتها، سواء وصل في وقت الظهر أو العصر.

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (22387) .

لكن من كان في المسجد، وأقيمت الصلاة: فإنه يعيد الصلاة مع الجماعة، وتكون نافلة له؛ لما روى الترمذي (219)، والنسائي (858) عن يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: "شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ انْحَرَفَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى القَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ:  عَلَيَّ بِهِمَا ، فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ:  مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا  ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، قَالَ: فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ " وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

ثانيا:

أما الصوم، فإنه لا يحل الفطر منه إلا بغروب الشمس في المكان الذي هو فيه في وقت غروب الشمس ، فإذا وصل وجهته والشمس لم تغرب بعد، لم يحل له الفطر حتى تغرب، ولو طالت المدة؛ لقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ  البقرة/187، ولقوله النبي صلى الله عليه وسلم :  إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ  رواه البخاري (1954)، ومسلم (1100).

وعليه : فهذا المسافر إذا وصل كوريا والناس في وقت الظهر، وأراد إتمام صومه، لزمه الانتظار إلى غروب الشمس، ولا عبرة بغروبها في نيجيريا.

وإن شاء أن يترخص ويفطر لكونه مسافرا، فله ذلك، لا سيما إذا طال النهار جدا بهذا التغير الطارئ، وشق عليه إتمام صومه إلى الليل في مكانه الجديد ؛ ثم إنه يقضي ذلك اليوم الذي أفطره بعد رمضان .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " طالب في إحدى المدن الأمريكية حكى قصته بأنه اضطر للسفر من مدينته التي يدرس فيها بعدما أمسك الفجر، ووصل للمدينة التي يريد بعد المغرب حسب توقيتها، ولكنه وجد نفسه قد مر عليه 18 ساعة ولم ينته صيام يومه، بينما هو في الأيام العادية يصوم 14 ساعة، فهل يستمر في الصيام مع زيادة 4 ساعات ، أم يفطر عند انتهاء الوقت بالنسبة للبلد التي هو مقيم فيها، وفي العودة حصل العكس بحيث نقص النهار إلى 14 ساعة بثلاث ساعات؟

فأجاب فضيلته بقوله: يستمر في صومه حتى تغرب الشمس ، لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا أقبل الليل من ههنا وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من ههنا وأشار إلى المغرب وغربت الشمس ، فقد أفطر الصائم .

فيلزمه أن يبقى في صيامه حتى تغرب الشمس ، ولو زاد عليه أربع ساعات.

نظير هذا في المملكة العربية السعودية : لو أن أحداً سافر من المنطقة الشرقية بعد أن تسحر إلى المنطقة الغربية ، فسوف يزيد عليه حسب ما يكون في الفرق" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/ 322).

وقال الدكتور عبد الله السكاكر في "نوازل الصيام" : " المسألةُ الثانيةُ:

أنِ يُسافِرَ الصائمُ قُبَيلَ غُروبِ الشمسِ في بَلدِه بزَمنٍ يَسيرٍ إلى جِهةِ الـمَغرِبِ، فيتأخَّرَ غُروبُ الشمسِ بالنسبةِ له، كما إذا كانتِ الشمسُ تَغرُبُ في بَلدِه الساعةَ السادسةَ مساءً، وقُبَيلَ السادسةِ بعَشرِ دقائقَ رَكِبَ الطائرةَ مُسافرًا إلى الـمَغرِبِ، فكُلَّما مَشى في هذا الطريقِ، طالَ النهارُ؛ فالشمسُ لا تَغرُبُ في الـمَغرِبِ إلَّا الساعةَ الثامنةَ، فبَقيَ ساعةً أو ساعتَيْنِ والشمسُ طالِعةٌ، فما نقول له؟

نقولُ: لا يُفطِرُ حتى تَغرُبَ الشمسُ، حتى لو زادَ عليه ساعتان أو أربعٌ أو خمسٌ أو أكثَرُ، فهو بالخيارِ، إمَّا أنْ يأخُذَ حُكْمَ الـمُسافِرِ، فيُفطِرَ تَرَخُّصًا، وإمَّا أنْ يُمسِكَ إذا أرادَ لِصَومِه أنْ يتِمَّ؛ لِأنَّ القُرآنَ جَعَلَ لِلفِطرِ حدًّا: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187]، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: "إذا أقبَلَ اللَّيلُ مِن هاهنا، وأدبَرَ النهارُ مِن هاهنا، وغَرَبَتِ الشمسُ، فقد أفطَرَ الصائمُ".

فما لم تَغرُبِ الشمسُ ، فإنَّه لم يَنتَهِ اليَومُ بالنسبةِ لِهذا الإنسانِ ومِن ثَمَّ فإنَّه يجِبُ عليه أنْ يُمسِكَ حتى تَغرُبَ الشمسُ، أو يترَخَّصَ رُخصةَ السفَرِ فيُفطِرَ ويَقضيَ يَومًا مكانَه" انتهى من :

https://bit.ly/2Zq4574

والحاصل:

1-أن من دخل عليه الوقت فصلى ، ثم وصل إلى وجهته، والوقت قد دخل، أو لم يدخل، فإنه لا يلزمه أن يعيد الصلاة التي صلاها؛ لأن الصلاة لا تصلى مرتين في يوم واحد؛ فمتى وقعت صحيحة ، لم تلزمه إعادتها .

2-وأن الصائم لا يفطر حتى تغرب الشمس مهما تأخر غروبها إذا كان يسير جهة الغرب، وأنه لا عبرة بغروبها في البلد الذي خرج منه ، ما دام لم يدرك هذا الغروب قبل خروجه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب