الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

يعجز عن الوضوء والتيمم فكيف يصلي؟

5430

تاريخ النشر : 20-06-2002

المشاهدات : 115178

السؤال

أنا مسلم وأستعمل كرسي المعاقين وسؤالي عن الوضوء.. لا أستطيع أن أمسك شيئاً بيدي، لدي شخص يأتيني كل صباح ويساعدني في الاستحمام فهل هذا يكفي لبقية اليوم؟ أحاول التيمم ولكنني لا أستطيع مسح الوجه تماماً وأواجه صعوبة في وضع يدي على التراب للتيمم. أرجو أن تنصحني.

ملخص الجواب

1- يجوز للعاجز عن الوضوء والتيمم الصلاة من غير وضوء ولا تيمم، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. 2- إذا ساعده شخص على الاغتسال أو الوضوء فحسن جداً، وهو يكفيه لبقية يومه ما لم يأت بحدثٍ أكبر أو أصغر فتفسد طهارته. 3- إذا تيمم بنفسه أو يممه أحد من الناس فيكفي أن يمرر يده على التراب، ويمسح ما يستطيع من وجهه. 4- يجوز له – بسبب المشقة والمرض – أن يجمع بين الصلاتين إن لم يتيسر له الطهارة للوقت الثاني. 5- فإن لم يتيسر له الوضوء ولا التيمم حتى ضاق وقت الصلاة فوجب عليه أن يصلي ولو من غير طهارتي الماء والتراب، والدين يسر لا حرج فيه.

الحمد لله.

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

مما جاء به الإسلام التيسير والتسهيل على الناس وأنه لا يحملهم ما لا يطيقون قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) البقرة/286.

فأوجب الله تعالى على المسلمين الوضوء ورضيه لهم، ولكنه لما علم الضعف من بعضهم رخَّص لهم فشرع التيمم وجعله بدلاً من الماء وجعله طهوراً للمسلم.

حكم العاجز عن الوضوء والتيمم

فإن شق التيمم على صاحبه: جاز له الصلاة من غير وضوء ولا تيمم، وهذا كالذي لم يجد ثوباً يستر عورته في الصلاة: جاز له الصلاة بدون ثوب.

وإذا ساعدك شخص على الاغتسال أو الوضوء فحسن جداً، وهو يكفيك لبقية يومك ما لم تأت بحدثٍ أكبر أو أصغر فتفسد طهارتك.

وإذا تيممت بنفسك أو يممك أحد من الناس فيكفي أن تمرر يدك على التراب، وتمسح ما تستطيعه من وجهك.

ولك – بسبب المشقة والمرض – أن تجمع بين الصلاتين إن لم يتيسر لك الطهارة للوقت الثاني.

فإن لم يتيسر لك الوضوء ولا التيمم حتى ضاق عليك وقت الصلاة فوجب عليك أن تصلي ولو من غير طهارتي الماء والتراب.

دليل جواز الصلاة للعاجز عن الوضوء والتيمم

والدليل على أنه يجوز للرجل القيام بالصلاة إن لم يستطع الطهارة:

عن عائشة رضي الله عنها: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فوجدها فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم فقال أسيد بن حضير رضي الله عنه لعائشة: "جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيراً". رواه البخاري (329) - واللفظ له - ومسلم (367).

وفي رواية صريحة عند الطبراني وأبي عوانة أنهم صلوا من غير وضوء.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيد بن حضير وأناسا معه في طلب قلادة أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ذلك فنزلت آية التيمم زاد النفيلي فقال أسيد بن حضير رضي الله عنه: جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله للمسلمين ولك فيه فرجا". رواه أبوعوانة (873)، والطبراني (131).

فهذا دليل على أن عدم وجود الماء - وهو الطهارة الوحيدة قبل التيمم - يبيح الصلاة بدون وضوء، فمن باب أولى أن تباح الصلاة بانعدام التراب الذي هو أدنى منزلة من الماء.

وبه يستدل على أن فاقد الطهور سواء بانعدامه وعدم المقدرة على إيجاده أو عدم المقدرة على استخدامه مع وجوده أنه يجوز له الصلاة بدون طهارة.

وقد بوب البخاري رحمه الله على الحديث بقوله: "باب إذا لم يجد ماءً ولا تراباً".

قال ابن رشيد رحمه الله: كأن المصنف نزَّل فقد شرعية التيمم منزلة فقد التراب بعد شرعية التيمم فكأنه يقول حكمهم في عدم المطهر - الذي هو الماء خاصة - كحكمنا في عدم المطهريْن الماء والتراب، وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة لأن الحديث ليس فيه أنهم فقدوا التراب وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهوريْن ووجهه أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك"، "فتح الباري" (1/440).

قال ابن القيم رحمه الله:

"وحالة عدم التراب كحالة عدم مشروعيته ولا فرق فإنهم صلوا بغير تيمم لعدم مشروعية التيمم حينئذ فهكذا من صلى بغير تيمم لعدم ما يتيمم به فأي فرق بين عدمه في نفسه وعدم مشروعيته فمقتضى القياس والسنة أن العادم يصلي على حسب حاله فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يعيد لأنه فعل ما أمر به فلم يجب عليه الإعادة كمن ترك القيام والاستقبال والسترة والقراءة لعجزه عن ذلك فهذا موجب النص والقياس"، "حاشية ابن القيم على تهذيب سنن أبي داود" (1/61).

قال ابن قدامة رحمه الله:

"ولأنه شرط من شرائط الصلاة فيسقط عند العجز عنه كسائر شروطها وأركانها ولأنه أدى فرضه على حسبه فلم يلزمه الإعادة كالعاجز عن السترة إذا صلى عريانا والعاجز عن الاستقبال إذا صلى إلى غيرها والعاجز عن القيام إذا صلى جالسا"، "المغني" (1/157). 

وقال الشوكاني رحمه الله: 

"قوله "فصلوا بغير وضوء" استدل بذلك جماعة من المحققين منهم المصنف على وجوب الصلاة عند عدم المطهرين الماء والتراب وليس في الحديث أنهم فقدوا التراب وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب ؛ لأنه لا مطهر سواه ووجه الاستدلال به أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدِِّثين وأكثر أصحاب مالك"  "نيل الأوطار" (1/337).

هذا كلام العلماء في هذه المسألة وهو الراجح الذي يصار إليه.

فأنت حكمك حكم الذي لم يجد الماء والتراب إذا تعذر عليك أن تجد من يُيممك بجامع عدم المقدرة عليه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب