الحمد لله.
أولاً :
يجوز للنساء أن يجتمعن لأداء صلاة التراويح في بيت إحداهنَّ بشرط عدم التبرج والزينة في الخروج ، وبشرط الأمن وعدم الفتنة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة ، بشرط أن يخرجن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (14/السؤال رقم 808) .
والأفضل لهن أن تصلي كل واحدة منهن في بيتها ، بل في قعر بيتها ، وقد نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أن صلاة النساء للفرض في بيوتهن خير لهنَّ من الصلاة في المساجد ، فأولى أن تكون النافلة مثله .
عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ ) . رواه أحمد (26002) وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب" (341) .
بل إن صلاة المرأة في بيتها خير من صلاة جماعة في المسجد الحرام أو النبوي خلف النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنهما أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلاةَ مَعَكَ . قَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلاةَ مَعِي ، وَصَلاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِي . قَالَ : فَأَمَرَتْ ، فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ . رواه أحمد (26550) وصححه ابن خزيمة (1689) ، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب" (340) .
والحديث بوَّب عليه الإمام ابن خزيمة بقوله : باب اختيار صلاة المرأة في حجرتها على صلاتها في دارها ، وصلاتها في مسجد قومها على صلاتها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تعدل ألف صلاة في غيرها من المساجد ، والدليل على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد " أراد به صلاة الرجال دون صلاة النساء .
وقال الشيخ عبد العظيم آبادي رحمه الله :
ووجه كون صلاتهن في البيوت أفضل للأمن من الفتنة ، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة . " عون المعبود " ( 2 / 193 ) .
ثانياً :
إذا اجتمعت النساء في بيتٍ وفق الشروط السابقة جاز أن يصلين جماعة ، وتقف إمامتهن في وسطهن ولا تتقدّم عليهن ، ولا تؤم الرجال ولو كانوا من محارمها ، وتجهر بصلاتها كما يجهر الرجل في الصلوات الجهرية ، على أن لا تُسمع صوتها الرجال إلا أن يكونوا من محارمها .
عن أم ورقة بنت عبد الله بن نوفل الأنصارية أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذنا فأذن لها ... وأمرها أن تؤم أهل دارها . رواه أبو داود ( 591 ) وحسنة الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 493 ) .
وعن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء وتقف وسطهن .
وعن عائشة أنها أمت نسوة في المكتوبة فأمتهن بينهن وسطاً .
وعَنْ حُجَيْرَة بنت حصين قَالَتْ : أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ قَائِمَةً وَسَطَ النِّسَاءِ .
وعن أم الحسن أنها رأت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تؤم النساء تقوم معهن في صفهن .
قال الشيخ الألباني رحمه الله بعد تخريج تلك الآثار :
وبالجملة فهذه الآثار صالحة للعمل بها ولاسيما وهي مؤيدة بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما النساء شقائق الرجال " ... .
" صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 153 – 155 ) باختصار .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
وتجهر في صلاة الجهر ، وإن كان ثَمَّ (أي هناك) رجالٌ : لا تجهر ، إلا أن يكونوا من محارمها ، فلا بأس . " المغني " ( 2 / 17 ) .
والله أعلم .
تعليق