الحمد لله.
نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على السؤال عن أحكام دينك ، والواجب على كل مسلم أن يسأل عن أحكام دينه دون تأخر أو تردد .
وأما الجواب على سؤالك :
أولاً :
شركتك هذه شركة صناعية تجارية ، والشركات الصناعية التجارية تجب فيها زكاة عروض التجارة , ولا تجب في الآلات والمعدات والسيارات والمباني والأثاث التي يراد منها استعمالها ولا يراد بيعها من أجل الربح .
وعلى هذا , فطريقة حساب الزكاة في نهاية الحول :
أن تحصى ما في مخازن الشركة من مواد تم شراؤها بقصد بيعها ، فيشمل ذلك : ( الزجاج والرصاص واللحام ......إلخ ) وتقدر قيمتها في نهاية الحول , بقطع النظر عن الثمن الذي اشتريت به .
يضاف إلى ذلك الأموال النقدية التي بالشركة أو أرصدتها بالبنوك .
يضاف إلى ذلك الديون التي لك على الناس والتي ترجو تحصيلها ، ثم تزكي الجميع بنسبة 2.5 بالمائة .
ثانياً :
أما أرباح الشركة خلال العام , فهذه الأرباح يمكن تقسيمها قسمين :
الأول : أرباح ناتجة من بيع الزجاج للعملاء .
وهذه الأرباح تجب فيها الزكاة , ولا يحسب لها حول جديد , بل حولها هو نفس حول رأس المال الذي اشتريت به إن كان يبلغ نصاباً .
"المغني" (4/75) .
الثاني : أرباح ناتجة من عملية التركيب ذاتها ( أي يمكن اعتبارها أجرة التركيب والتصنيع ) فهذه الأرباح تجب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً ، ومَرَّ عليها الحول من حين قبضها .
وقد يكون من الصعب عملياً التفريق بين هذين النوعين من الأرباح , ولذلك فالأفضل أن تزكي جميع الأرباح في نهاية حول رأس المال , فما كان من ربح عروض التجارة , فقد أديت زكاته في وقته ( نهاية الحول ) وما كان من أجرة للعمل فقد أديت زكاته مقدماً , وتعجيل الزكاة قبل وقتها جائز .
ثالثاً :
الأرباح التي يتم إنفاقها أثناء العام ولا تبقى إلى نهاية الحول لا زكاة فيها .
رابعاً :
حول عروض التجارة بالنسبة للشركة لا يكون من أول تأسيس الشركة أو من شراء المواد الخام , بل يكون تكملة لحول النقود التي اشتريت بها المواد الخام .
فمثلاً : لو كان أول امتلاكك للنصاب في شهر المحرم ، وبدأت تأسيس الشركة في شهر رجب ، واشتريت المواد الخام وبدأت العمل بالشركة في شهر رمضان , فحول عروض التجارة للشركة يكون في شهر المحرم ولا يكون في رمضان .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " واعلم أن عروض التجارة ليس حولها أن تأتي سنة بعد شرائها ، بل إن حولها حول المال الأصلي ، لأنها عبارة عن دراهم من رأس مالك حولتها إلى عروض ، فيكون حولها حول مالك الأول " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/234) .
وانظر جواب السؤال (32715) .
خامساً :
وأما حساب الزكاة بعد خصم الضرائب .
فإن كان إخراج الضرائب ودفعها يتم قبل نهاية الحول فتصرفك صحيح , لأن هذا المال المدفوع لم يمر عليه الحول .
وأما إن كان دفعها بعد تمام الحول فالأحوط والأبرأ للذمة دفع زكاته , وأخذ هذا المال منك ظلماً لا يسقط عنه الزكاة .
سادساً :
وأما حساب الضرائب من الزكاة فلا يجوز ذلك ، لأن الزكاة لها مصارف معينة حددها الله تعالى بقوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60 .
والضرائب لا تصرف في هذه المصارف ، ولأن الحكومات لا تأخذ الضرائب على أنها زكاة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" لا يكفي أخذ الضرائب على العمارة عن إخراج الزكاة ، ولا يسقط ذلك وجوبها في دخلها إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول " انتهى بتصرف .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 339 ) .
وانظر السؤال رقم (2447) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :
ما تقولون فضيلتكم في كيفية إخراج الزكاة حيث إنني أملك محلاً تجاريّاً لبيع الأخشاب وقد حال الحول على البضاعة الموجودة بالمحل ، وهناك ديون متعلقة بالبضاعة الموجودة والمشتراة بالأجل بأن تم دفع جزء من قيمتها والباقي مؤجل ، كما أن هناك مصاريف سنوية كإيجار المحل ورسوم رخصة سنوية ، وضرائب ، وتأمينات ، وكذلك رواتب العاملين . فأجابوا :
" تجب الزكاة في البضاعة المعروضة للبيع كالأخشاب ونحوها إذا بلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضمها إلى ما لديك من النقود أو عروض التجارة ، وحال عليها الحول ، أما الديون والإيجار والرسوم وغيرها فلا تمنع وجوب إخراج الزكاة " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/348) .
سابعاً :
وأما ما يتعلق بزكاة الأعوام السابقة ، فعليك أن تقدر زكاة كل عام ، وتخرج ما بقي عليك منها ، لأن الجهل بكيفية إخراج الزكاة لا يسقط وجوبها ، فهي دّين عليك ، يجب إخراجه .
وانظر جواب السؤال (69798) .
والله أعلم .
تعليق