الحمد لله.
أولا :
المنشطات الجنسية على نوعين :
الأول : أمور طبيعية ، كأنواع من الأطعمة والنباتات ونحوها ، فهذا لا حرج في تناوله ، ما لم يثبت أن له ضررا على البدن ، فيتعين اجتنابه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال في الآداب الشرعية" (2/463) : ( وتحرم المداواة والكحل بكل نجس وطاهر محرم أو مضر ونحوه ) انتهى .
وقد شاع في كتب أهل العلم ذكر فوائد بعض الأطعمة وأنها تزيد الشهوة أو تقوي على الجماع ، ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر رحمه الله في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: ( عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ ) رواه البخاري (5260) ومسلم (4103) والعود الهندي هو القسط الهندي المعروف ، وقد ذكر من فوائده : ( ويسخن المعدة ، ويحرك شهوة الجماع ، ويذهب الكلَف طِلاءً ... ) انتهى من "فتح الباري".
وذكروا ذلك في الحلبة والفستق والخروب وبذر البطيخ وغيرها . ينظر "الآداب الشرعية" لابن مفلح (3/7) ، (2/370، 375)
والمهم ألا يصل المرء في استعمال هذه الأشياء إلى السرف ، أو التعلق والانشغال بذلك ، بحيث يصبح مولعا بالبحث عما يزيد شهوته من الأطعمة والأشربة .
والثاني : عقاقير وأدوية تستعمل لهذا الغرض ، وهذه الأصل فيها الحل أيضا ، ما لم تشتمل على محرم كالمسكر ، أو تضر بالبدن ، فهي محرمة لما سبق ، لكن ينبغي ألا يستعملها إلا من احتاج إليها لعجز أو مرض أو كبر ، وبالرجوع إلى الطبيب الثقة المختص ؛ لأن منها ما له ضرر قد يؤدي إلى الموت ، ومنها ما هو سالم من ذلك لكن لا خير في استعماله للصحيح المستغني عنها ، ولو أدت إلى زيادة المتعة كما يقول الأخ السائل ، وقد أحسن من قال : إن الدواء كالصابون ، ينظف الثوب ، لكنه يبليه . فينبغي البعد عن استعمال العقاقير ما أمكن .
ولنضرب لذلك مثلا بما شاع وانتشر في هذه الأزمنة ، وهو عقار الفياغرا ، فإن استعماله من قبل البعض دون فحص واستشارة ألحق بهم أضرارا بالغة ، وفي هذا يقول الدكتور عبد الله النعيمي أخصائي القلب في مستشفى زايد العسكري في ندوة عن المنشطات الجنسية : (هذا الدواء عنده أعراض جانبية بعضها شديد ، هناك دراسة أجريت في كندا على حوالي 8500 شخص ، وجد أنهم يعانون من وجع في الرأس بنسبة حوالي 16% وبعضهم يعاني من احمرار وحرارة خاصة في الوجه وبعضهم يعاني من حرقان وأعراض عسر هضم وبعضهم -خاصة الذين لديهم ضغط بنسبة منخفضة- قد ينـزل الضغط إلى مستوى يضرهم ).
وذكر أن الأصحاء الذين لا يعانون من مرض يحبذ لهم استشارة الطبيب ولو لوقت قصير . وأما الذين يعانون من الأمراض خاصة أمراض انسداد شرايين القلب، فلا بد من مراجعة الطيبي أولا ؛ لأن ( كثيراً منهم يتناول دواء يسمى "النايترايت" وهذا الدواء يتفاعل بشدة مع الفياغرا ، فيقوم الفياغرا بمنع هذا الدواء من التحلل في جسم المريض، فنجد أن هذا الدواء يتضاعف إلى درجة عشرة أضعاف في بعض الأحيان مما يؤدي إلى نزول الضغط الشديد وقد يؤدي إلى الموت، فنحن سمعنا عن وفيات حدثت وأكثر هذه الوفيات حدثت في مثل هذه الحالة أن يكون شخص عنده نوبة في القلب أو عنده انسداد في الشريان وهو يتناول دواء "النايترايت" فعندما يتناول الفياغرا مع هذا الدواء يتضاعف النايترايت إلى عدة أضعاف وبذلك يؤدي إلى الأعراض الجانبية ) انتهى .
ثانيا :
لا فرق في تناول هذه المنشطات بين ليالي رمضان ، وبين غيرها من الأوقات ، التي يباح فيها الأكل والشرب ، فحيث جاز التناول جاز في جميع الأوقات ، وحيث حرُم فإنه محرم في جميعها أيضا ، وقد أباح الله تعالى للصائم أن يستمتع بأهله بعد فطره ، فقال : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) البقرة/187
والله أعلم .
تعليق