الحمد لله.
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ، وأن يرزقك السعادة والطمأنينة .
ثانيا :
الأصل أن من طلق زوجته في طهر لم يجامعها فيه أو وهي حامل : أن طلاقه يقع ؛ لكن عفت الشريعة عن الطلاق في الإغلاق ، كما روى ابن ماجة (2046) عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ) والحديث حسنه الألباني .
وبوب البخاري في صحيحه : " بَاب الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ ، وَالمْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا ، وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) وَتَلَا الشَّعْبِيُّ : ( لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ : ( أَبِكَ جُنُونٌ ) وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ : لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ " انتهى مختصرا .
والإغلاق : يشمل الإكراه ، وانغلاق الفكر وعدم الإرادة ، وهذا يحصل للموسوس أحيانا ، وللمسحور ، ولبعض مرضى الاكتئاب ، بحيث يطلق الواحد منهم مرغما دون اختيار وإرادة ، بل يجد نفسه مدفوعا للطلاق ، لا ترتاح نفسه حتى يتكلم به ، ومن كان هكذا لم يقع طلاق .
قال ابن القيم رحمه الله : " قال شيخنا ابن تيمية : والإغلاق انسداد باب العلم والقصد عليه ، يدخل فيه طلاق المعتوه والمجنون والسكران والمكره والغضبان الذي لا يعقل ما يقول ؛ لأن كلاً من هؤلاء قد أغلق عليه باب العلم والقصد ، والطلاق إنما يقع من قاصدٍ له ، عالم به " انتهى من "حاشية السنن" (6/ 187) .
وعليه : فإذا كنت تكلمت بالطلاق مدركا له ، عالما بآثاره ، قاصدا فراق زوجتك ، فهذا طلاق واقع .
وإن كنت تكلمت به بغير شعور ، تحت ضغط المرض والضيق ، فإنه لا يقع .
وعلى فرض وقوع الطلاق ، فإن لك أن تراجع زوجتك إذا كانت لم تخرج من العدة ، أو تعقد عليها عقدا جديدا مستوفيا لشروطه ، إن رضيتْ بذلك ، وكان هذا هو الطلاق الأول أو الثاني .
وننبه على أن من طلق زوجته ثلاثا أو أكثر بأن قال أنت طالق ثلاثا ، أو أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، أن ذلك يحسب طلقة واحدة على الراجح ، وكذلك لو طلق ، ثم عاد فطلق قبل أن يراجع زوجته ، فإنه يحسب طلاقا واحدا ، على الراجح ، أي سواء طلق في مجلس واحد ، أو في مجالس منفصلة ، لأن الطلاق لا يقع إلا بعد عقد ، أو بعد رجعة .
وينظر للفائدة : سؤال رقم (96194) ، ورقم (126549) .
والله أعلم .
تعليق