الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

طلاق المريض نفسيا

183691

تاريخ النشر : 01-10-2012

المشاهدات : 49274

السؤال


أنا مسلم أعاني من مرض شلل الأطفال منذ أن كان عمري 8 شهور ، وقد لازمني هذا المرض حتى الآن لدرجة أني صرت مشلولاً تمامًا ولا أتحرك لفترة من الوقت ، ولكن الحمد لله عادت لي قوتي وصحتي بعد ذلك ، ولكن رجلي ما زالت ضعيفة ولا تقوى على حملي إلا بصعوبة شديدة ، فبالتالي أواجه مشاكل في المشي . إلا أني الحمد لله حالتي النفسية جيدة ، وأنا سعيد بحياتي ، وأنا شخص هادئ جدا ، وقد حصلت على درجة علمية ، وعملت لفترة طويلة. وفي العام الماضي شخصني الأطباء بأني أعاني من مرض ما بعد شلل الأطفال ، وهو ما يتطلب مني أن لا أجهد نفسي وأن أرتاح ، لذا فأنا أعاني من الأرق في الليل ولا أستطيع النوم بسهولة ، وإذا لم أستطع النوم في الليل ، فإن مزاجي طوال اليوم يكون في حالة سيئة ، لدرجة أني طوال الأربع أعوام الماضية كنت أبكي بشدة في فترات كثيرة في اليوم ، ويتغير مزاجي بسرعة شديدة . لقد فكرت في الانتحار في بعض الأوقات ، وكتبت وصيتي ، وطلباتي الأخيرة ، وأنا كل ما كنت أفكر فيه وأتمناه أن أتخلص من زواجي لأني غير سعيد . أنا متزوج وعندي أربعة أطفال ، ولكني أفكر في إنهاء زواجي ، ومن كثرة التفكير أطفالي أحيانًا يتحدثون إليّ ولا أسمعهم حتى يغمزوني أو يصرخوا في وجهي . لقد ذهبت إلى أطباء نفسيين ، وأخبروني أن المواد الكيماوية زادت في مخي ، وأثرت علي طوال السنوات الماضية . وبعد 19 سنة من الزواج ووجود أربعة أطفال ، انفصلت أنا وزوجتي ؛ لأني في الوقت الذي كنت فيه في حاجة لمساعدة طبية وعلاج لم أتمالك نفسي وطلقت زوجتي وأنا مريض لقد قلت لها : أنت طالق مني أكثر من مرتين ، وأنا كنت في ذلك الوقت مريضا نفسيًا والمواد الكيماوية زائدة في مخي كما أخبرني الأطباء. في اللية التي طلقت زوجتي فيها ، كنت قد اصطدمت بسيارتي في عمود كهربي ، وبعد طلاقها رميت الطاولة وما عليها مع أني شخص هادئ جدًا ، لكن كل هذا ينبئ عما كنت فيه من حالة عدم إدراك وعدم تحكم بالمشاعر. ولقد صليت الاستخارة مرتين ، وفي المرة الأولى وجدت أن ابني يناديني أن أعود البيت وفي المرة الثانية وجدت زوجتي . لقد كنت وأنا أطلق امرأتي في حالة مرضية صعبة ، كنت أعاني من أعراض مرض ما بعد شلل الأطفال ، وكنت مشتت الفكر ، وكنت مضطرب الأعصاب، السؤال :
هل يمكنني العودة لزوجتي مرة أخرى؟ وهل طلاقي وقع عليها؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ، وأن يرزقك السعادة والطمأنينة .
ثانيا :
الأصل أن من طلق زوجته في طهر لم يجامعها فيه أو وهي حامل : أن طلاقه يقع ؛ لكن عفت الشريعة عن الطلاق في الإغلاق ، كما روى ابن ماجة (2046) عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ) والحديث حسنه الألباني .
وبوب البخاري في صحيحه : " بَاب الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ ، وَالمْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا ، وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) وَتَلَا الشَّعْبِيُّ : ( لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ : ( أَبِكَ جُنُونٌ ) وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ : لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ " انتهى مختصرا .
والإغلاق : يشمل الإكراه ، وانغلاق الفكر وعدم الإرادة ، وهذا يحصل للموسوس أحيانا ، وللمسحور ، ولبعض مرضى الاكتئاب ، بحيث يطلق الواحد منهم مرغما دون اختيار وإرادة ، بل يجد نفسه مدفوعا للطلاق ، لا ترتاح نفسه حتى يتكلم به ، ومن كان هكذا لم يقع طلاق .
قال ابن القيم رحمه الله : " قال شيخنا ابن تيمية : والإغلاق انسداد باب العلم والقصد عليه ، يدخل فيه طلاق المعتوه والمجنون والسكران والمكره والغضبان الذي لا يعقل ما يقول ؛ لأن كلاً من هؤلاء قد أغلق عليه باب العلم والقصد ، والطلاق إنما يقع من قاصدٍ له ، عالم به " انتهى من "حاشية السنن" (6/ 187) .
وعليه : فإذا كنت تكلمت بالطلاق مدركا له ، عالما بآثاره ، قاصدا فراق زوجتك ، فهذا طلاق واقع .
وإن كنت تكلمت به بغير شعور ، تحت ضغط المرض والضيق ، فإنه لا يقع .
وعلى فرض وقوع الطلاق ، فإن لك أن تراجع زوجتك إذا كانت لم تخرج من العدة ، أو تعقد عليها عقدا جديدا مستوفيا لشروطه ، إن رضيتْ بذلك ، وكان هذا هو الطلاق الأول أو الثاني .
وننبه على أن من طلق زوجته ثلاثا أو أكثر بأن قال أنت طالق ثلاثا ، أو أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، أن ذلك يحسب طلقة واحدة على الراجح ، وكذلك لو طلق ، ثم عاد فطلق قبل أن يراجع زوجته ، فإنه يحسب طلاقا واحدا ، على الراجح ، أي سواء طلق في مجلس واحد ، أو في مجالس منفصلة ، لأن الطلاق لا يقع إلا بعد عقد ، أو بعد رجعة .
وينظر للفائدة : سؤال رقم (96194) ، ورقم (126549) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب