الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

أخذ المساعدة وطلبها من الدولة ومن الكنيسة

السؤال

أنا أعيش في أمريكا ونأخذ بعض الخدمات المجانية خصوصًا أننا نعتبر من محدودي الدخل ولكن بعض هذه الخدمات كالأكل مثلا ممكن نأخذها من الكنائس ، هل هذا يجوز؟

الجواب

الحمد لله.

لا حرج في قبول المساعدة من الدولة أو الجهات القائمة على التبرعات ولو كانت الكنيسة ، ما لم يدع ذلك إلى التنازل عن شيء من الدين، أو الإقرار لشيء من المنكر ، أو التأثير على الأولاد ونحوهم ، لكن التعفف عن ذلك والاستغناء عنه أولى ، فإن اليد العليا خير من اليد السفلى ، لا سيما في الأخذ من الكنيسة التي لها مآربها المشبوهة فيما تعطيه للمسلمين غالبا .

روى البخاري (1428) عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ) .

وروى البخاري (1429) ومسلم (1033) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ : (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ) .

وطلب الصدقة من الناس مذموم ، ولو كان السؤال لمسلم ، إلا إذا كان السائل مضطرا للسؤال ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنْ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ ) وصححه الترمذي والألباني في صحيح الترمذي .

ورواه أبو داود (1639) بلفظ : (الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا) .

قال في "سبل السلام" (1/548) : "(كدٌّ) أي : خدش وهو الأثر ، وأما سؤاله من السلطان فإنه لا مذمة فيه ; لأنه إنما يسأل مما هو حق له في بيت المال ، ولا منّة للسلطان على السائل ; لأنه وكيل ، فهو كسؤال الإنسان وكيله أن يعطيه من حقه الذي لديه" انتهى .

وروى البخاري (1475) ومسلم (1040) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ) .

وروى مسلم (1041) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ) .

ومعنى : (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا) أي : أنه يسأل الناس ليجمع المال الكثير من غير أن يكون محتاجاً إليه .

وفي هذه الأحاديث زجر بليغ ، وتنفير واضح عن المسألة ، إلا المضطر الذي لا يجد بداً من السؤال .

وعليه ؛ فما لم تكونوا بحاجة ماسة للمساعدة فتعففوا عن طلبها ، وإذا كنتم في حاجة إليها فلا حرج عليكم من طلبها وأخذها .

ونسأل الله أن يغنيكم من فضله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب