الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

فضل صلاة أربع ركعات بعد العشاء

السؤال

هل هذا حديث صحيح : ( من صلى أربعا بعد العشاء كن كقدرهن من ليلة القدر ) ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعد العشاء حين رجع إلى بيته أربع ركعات ، ورد ذلك في حديثٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
” بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ نَامَ ، ثُمَّ قَامَ ، ثُمَّ قَالَ : ( نَامَ الغُلَيِّمُ )، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا ، ثُمَّ قَامَ ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ نَامَ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ ” رواه البخاري (117) .

بل قد ورد في حديث آخر – وإن كان فيه ضعف يسير – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتاد صلاة الأربع ركعات بعد العشاء .
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ قَطُّ فَدَخَلَ عَلَيَّ إِلَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتَّ رَكَعَاتٍ ) رواه أبو داود (رقم/1303) وضعفه الألباني في ” ضعيف أبي داود – الأم ” (2/57) .
ونحوه حديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، وَأَوْتَرَ بِسَجْدَةٍ ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى يُصَلِّيَ بَعْد صَلَاته بِاللَّيْلِ ) رواه أحمد في ” المسند ” (26/34) طبعة مؤسسة الرسالة ، وضعفه محققو الطبعة لانقطاعه .

فدلت السنة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم على مشروعية صلاة أربع ركعات بعد صلاة العشاء ، ولذلك اتفق العلماء على مشروعية هذه الصلاة بعد العشاء ، سواء صح في فضلها حديث خاص أم لم يصح .
وذهب فقهاء الحنفية إلى عد هذه الأربع ركعات بعد العشاء سنة راتبة بعدية ، كما في ” فتح القدير ” (441/1-449) .
لكن الأظهر – والله أعلم – أنها نافلة مطلقة من جملة قيام الليل ، كما سماها ابن قدامة في ” المغني ” (2/96) ” صلاة تطوع ” .
ثانيا :
ورد في فضل الركعات الأربع بعد صلاة العشاء خمسة أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعشرة آثار عن الصحابة والتابعين من فعلهم وقولهم ، وهي أحاديث كثيرة وعديدة عقد لها ابن أبي شيبة في ” المصنف ” بابا بعنوان : ” في أربع ركعات بعد صلاة العشاء “، وكذلك فعل المروزي في كتابه العظيم ” قيام الليل ” تحت باب : ” الأربع ركعات بعد العشاء الآخرة “، وأيضا البيهقي في ” السنن الكبرى ” عقد بابا بعنوان : ” باب من جعل بعد العشاء أربع ركعات، أو أكثر “.
ونحن نورد ههنا هذه الأحاديث والآثار ونتكلم عليها بما تيسر .
الحديث الأول :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ، كَانَ كَعِدْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .
رواه الطبراني في ” المعجم الكبير ” (13،14 ص/130)، وفي ” المعجم الأوسط ” (5/254) قال : حدثنا محمَّد بن الفَضْل السَّقَطي ، ثنا مَهْدي بن حَفْص ، ثنا إسحاقُ الأزرق ، ثنا أبو حَنيفة ، عن مُحارب بن دِثار ، عن ابن عمر به .
ومن طريق الطبراني رواه أبو نعيم في ” مسند أبي حنيفة ” (ص223)
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن ابن عمر إلا محارب بن دثار ، ولا عن محارب إلا أبو حنيفة ، تفرد به إسحاق الأزرق .
قال العراقي رحمه الله :
” فيه ضعف ” انتهى من ” طرح التثريب ” (4/162) .
وقال الهيثمي رحمه الله :
” في إسناده ضعيف غير متهم بالكذب ” انتهى من ” مجمع الزوائد ” (2/40) .
وقال أيضا :
” فيه من ضُعِّف [ في ] الحديث ” انتهى من ” مجمع الزوائد ” (2/231) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله – معلقا على قول الطبراني ” تفرد به إسحاق ” -:
” هو ابن يوسف الواسطي ؛ وهو ثقة ، وكذلك سائر رجال الإسناد ؛ غير أبي حنيفة رحمه الله ؛ فإن الأئمة قد ضعفوه … وقد أشار إلى تضعيف أبي حنيفة الحافظ الهيثمي بقوله عقب الحديث : فيه من ضعف [في] الحديث . وكأنه لم يتجرأ على الإفصاح باسمه اتقاء منه لشر متعصبة الحنفية في زمانه ، كفانا الله شر التعصب وأهله !! ، وسائر رجال الحديث مترجمون في ” التهذيب “؛ غير السقطي ، فترجمته في ” تاريخ بغداد ” (3/153) ؛ قال الخطيب : وكان ثقة ، وذكره الدارقطني فقال : صدوق ” انتهى باختصار من ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (رقم/5060) .
الحديث الثاني :
عن ابن عباس يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة ، قرأ في الركعتين الأوليين : ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) ، وقرأ في الركعتين الأخريين (تنزيل السجدة) و ( تبارك الذي بيده الملك ) كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر ) .
رواه المروزي في ” قيام الليل ” (ص/92) ، والطبراني في ” المعجم الكبير ” (11/437) ، والبيهقي في ” السنن الكبرى ” (2/671) جميعهم من طريق سعيد بن أبي مريم ، حدثني عبد الله بن فروخ ، حدثني أبو فروة ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس به مرفوعا .
قال البيهقي رحمه الله :
” تفرد به ابن فروخ المصري ” انتهى .
وهذا إسناد ضعيف بسبب أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي ، فقد اتفقت كلمة نقاد الحديث على تضعيفه ، بل قال فيه يحيى بن معين : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال ابن عدي : عامة حديثه غير محفوظ ، انظر ” تهذيب التهذيب ” (11/336) .
لذلك ضعفه الهيثمي في ” مجمع الزوائد ” (2/231)، والألباني في ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (في كلامه على حديث رقم/5060) .
الحديث الثالث :
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ كَعِدْلِهِنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ كَعِدْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .
رواه الطبراني في ” المعجم الأوسط ” (3/141) من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، عن محمد بن جحادة ، وقال : لم يرو هذا الحديث عن محمد بن جحادة إلا يحيى .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، قال أبو حاتم : يفتعل الحديث ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال ابن معين : كذاب خبيث . انظر ” لسان الميزان ” (8/464) .
قال الهيثمي رحمه الله :
” فيه يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف جدا ” انتهى من ” مجمع الزوائد ” (2/230).
وقال الألباني رحمه الله :
” ضعيف جدا ” انتهى من ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (رقم/2739، 5058) .
الحديث الرابع :
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ بِهِنَّ مِنْ لَيْلَتِهِ ، وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَإِذَا لَقِيَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَهُمَا صَادِقَانِ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُمَا) .
رواه الطبراني في ” المعجم الأوسط ” (6/254) قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ ، ثنا سعيد بن منصور ، ثنا ناهض بن سالم الباهلي ، ثنا عمار أبو هاشم ، عن الربيع بن لوط ، عن عمه البراء بن عازب رضي الله عنه .
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن الربيع بن لوط إلا عمار أبو هاشم ، تفرد به ناهض بن سالم .
قال الهيثمي رحمه الله :
” فيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ، ولم أجد من ذكرهم ” انتهى من ” مجمع الزوائد ” (2/221) .
وقال الألباني رحمه الله :
” ضعيف … ناهض بن سالم الباهلي لم أجد له ترجمة ، والحديث قال الهيثمي : ” فيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ، ولم أجد من ذكرهم “، وغير الباهلي لم أدر المعني به ؛ إلا أن يكون شيخ الطبراني ؛ فقد قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا ناهض بن سالم الباهلي … لكن الهيثمي ليس من عادته الكلام على شيوخ الطبراني المجهولين أو المستورين الذين لم يرد لهم ذكر في ” الميزان ” مثلاً ، والله أعلم ” انتهى من ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (رقم/5053) .

الحديث الخامس :
عن يحيى بن أبي كثير قال :
” أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقرءوا (الم السجدة) ، و (تبارك الذي بيده الملك) فإنهما تعدل كل آية منهما سبعين آية من غيرهما ، ومن قرأهما بعد العشاء الآخرة كانتا له مثلهما في ليلة القدر ” .
رواه عبد الرزاق في ” المصنف ” (3/382) عن معمر بن راشد ، عن يحيى بن أبي كثير ، هكذا مرسلا ، فيحيى بن أبي كثير من صغار التابعين ، توفي سنة (132هـ)، ولا يدرى عمن تحمل هذا الحديث ، ولا يخفى أن ذلك من موجبات ضعف الحديث . انظر ” تهذيب الكمال ” (11/269) .

ثالثا :
وأما الآثار المروية من كلام الصحابة والتابعين في معنى هذا الحديث فهي على الوجه الآتي :
الأثر الأول :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : ” مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ، عَدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” .
رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/127) قال : حدثنا وكيع ، عن عبد الجبار بن عباس ، عن قيس بن وهب ، عن مرة ، عن عبد الله به .
وهذا إسناد جيد متصل.
الأثر الثاني :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : ” مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَقَدْرِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” .
رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/127) قال : حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو به .
قلنا : وهذا إسناد رواته ثقات ، إلا أنه اختلف في سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال البرديجي : روى مجاهد عن أبى هريرة وعبد الله بن عمرو ، وقيل : لم يسمع
منهما . انظر ” تهذيب التهذيب ” (10/43) .
الأثر الثالث :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ” أَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” .
رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/127) قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن العلاء بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة به .
وهذا الإسناد رواته ثقات ، ولكننا لم نقف على مَن ذَكَرَ عبد الرحمن بن الأسود في شيوخ العلاء بن المسيب .
الأثر الرابع :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ” مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُنَّ يَعْدِلْنَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” .
رواه محمد بن الحسن الشيباني – كما في ” الآثار ” (1/292) – عن شيخه الإمام أبي حنيفة ، حدثنا الحارث بن زياد أو محارب بن دثار – الشك من محمد – عن ابن عمر به .
وهذا إسناد ضعيف لوقوع الشك والتردد ، فالحارث بن زياد لم نقف له على ترجمة ، ولكن قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” هو عَن محَارب بِلَا شكّ … وَأما الْحَارِث بن زِيَاد فَلم أر فِيمن يروي عَن ابْن عمر لَهُ ذكرا ” انتهى من ” الإيثار بمعرفة رواة الآثار ” (ص/57) .
الأثر الخامس :
عن كَعْبِ بْنِ مَاتِعٍ – وهو كعب الأحبار – قَالَ : ” مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحْسِنُ فِيهِنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ عَدَلْنَ مِثْلَهُنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” .
وقد جاء بأسانيد عدة عن كعب الأحبار ، لم نشأ الإطالة بسردها ، يرويها ابن أبي شيبة والنسائي والدارقطني والبيهقي وغيرهم .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله – في أحد أسانيده -:
” هذا إسناد لا بأس به … ولكنه مقطوع موقوف على كعب – وهو كعب الأحبار -، ولو أنه رفع الحديث لم يكن حجة ؛ لأنه في هذه الحالة يكون مرسلاً ، فكيف وقد أوقفه ؟! ” انتهى من ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (حديث رقم/5053) .
الأثر السادس :
عَنْ مَيْسَرَةَ، وَزَاذَانَ، قَالَا : ” كَانَ يُصَلِّي مِنَ التَّطَوُّعِ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَأَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ” .
هكذا وجدته من غير ذكر اسم الصحابي ، والغالب أنه علي بن أبي طالب ، فهو الذي يروي عنه ميسرة .
رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/19) قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن عطاء بن السائب به .
الأثر السابع :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ : ” مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ عَدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” .
رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/127) قال : حدثنا الفضل بن دكين ، عن بكير بن عامر ، عن عبد الرحمن به .
الأثر الثامن :
عن عمران بن خالد الخزاعي قال : ” كنت عند عطاء جالسا فجاءه رجل فقال : يا أبا محمد ، إن طاوسا يزعم أن : من صلى العشاء ثم صلى بعدها ركعتين يقرأ في الأولى تنزيل السجدة وفي الثانية تبارك الذي بيده الملك كتب له مثل وقوف ليلة القدر . فقال عطاء : صدق طاوس ، ما تركتها ” .
رواه أبو نعيم في ” حلية الأولياء ” (4/6) قال : حدثنا عمر بن أحمد بن عمر القاضي ، ثنا عبد الله بن زيدان ، ثنا أحمد بن حازم ، ثنا عون بن سلام ، ثنا جابر بن منصور أخو إسحاق بن منصور السلولي ، عن عمران بن خالد به .
الأثر التاسع :
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ : ” كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَأُكَلِّمُهُ وَأَنَا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَمَا يُرَاجِعُنِي الْكَلَامَ ” .
رواه المروزي في ” تعظيم قدر الصلاة ” (1/167) قال : حدثنا يحيى ، ثنا عباد بن العوام ، عن حصين ، عن القاسم به .
الأثر العاشر :
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : ” أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ يَكُنَّ بِمَنْزِلَتِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ” .
رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/127) قال : حدثنا يعلى ، عن الأعمش ، عن مجاهد به .
رابعا :
الخلاصة أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي أربع ركعات بعد العشاء ، وأما الأحاديث المرفوعة الواردة في فضلها فكلها ضعيفة ضعفا شديدا ، أمثلها وأقواها حديث ابن عمر على ضعفه .
وأما الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين فهي دليل على عمل السلف بهذه السنة ، وانتشارها فيهم ؛ فهي من قيام الليل الوارد فضله في الكتاب والسنة في عشرات الأدلة ، وأما القول بأنها تعدل الصلاة في ليلة القدر فهذا مما يتوقف في شأنه ، خاصة وأنه قد ورد من كلام كعب الأحبار ، وقد كان كعب يتوسع في الإخبار عن هذه الشريعة بما يقايسه من كتب أهل الكتاب ، فنخشى أن يكون هذا الفضل مصدره كعب الأحبار ، ومن أخذه عنه من الصحابة إنما فعل ذلك لتعلقه بفضائل الأعمال التي يرجى ثوابها ، ولا يضر العمل بها .
وقد ذهب الشيخ الألباني رحمه الله إلى منح هذه الآثار ” حكم الرفع “، مما يجيز الاحتجاج بها والعمل بما جاء فيها ، حيث يقول رحمه الله :
” الحديث قد صح موقوفاً عن جمع من الصحابة … ثم أخرج ابن أبي شيبة مثله عن عائشة ، وابن مسعود ، وكعب بن ماتع ، ومجاهد ، وعبد الرحمن بن الأسود موقوفاً عليهم ، والأسانيد إليهم كلهم صحيحة – باستثناء كعب -، وهي وإن كانت موقوفة ؛ فلها حكم الرفع ؛ لأنها لا تقال بالرأي كما هو ظاهر ” انتهى من ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (رقم/5060) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب