الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

أنفق على إخوته في تزويجهم ، فهل لوالده أن يكتب له شيئاً من التركة ؟

السؤال

أود السؤال عن شخص ساعد في تزويج أخواته الأربع حتى لا يبيع أبوه شيئا من ممتلكاته . tهل لأبيه أن يكتب له جزءا من ممتلكاته ؟ وهل لابد من موافقة الأخوات على ذلك ؟ أم يمكن أن يكتب له الأب دون موافقتهم ؟ وإذا لم يوافق بعض الأخوات على كتابة شيء لأخيهم ؛ فهل على الأب من إثم إذا كتب له شيئا ؟ وهل إذا مات الوالد قبل أن يكتب له شيئا ، يعد ما تركه الأب إرثا للجميع ؟ أم يأخذ الشاب ما جهز به أخواته ، ثم يتم توزيع ما تبقى كإرث ؟

الجواب

الحمد لله.

لا شك أن الذي قام به الأخ تجاه إخوته من تزويجهم عمل برٍ وطاعة يؤجر عليه .
وهذا الذي قام به الأخ ، له احتمالان :
الأول :
أن يكون قد فعله على وجه التبرع والمساعدة لوالده على مؤنة تجهيز أخواته ، أو على وجه الإحسان والصلة لأخواته ؛ وفي هذه الحالة : لا يحل للابن أن يطالب والده أو أخواته بشيء من ذلك على وجه المعاوضة عما بذله ، سواء كان من مال الوالد مباشرة ، أو من تركته بعد وفاته ؛ لأنه إنما فعل ذلك على وجه الإحسان والهبة ، لا على وجه المعاوضة؛ وقد روى البخاري (2589) ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ).
وليس للوالد كذلك أن يحابيه بشيء من العطية لأجل ذلك ؛ فإن الولد إنما فعل ذلك على وجه الإحسان ، وليس هناك معنى يقتضي تفضيله في العطية عن باقي إخوته .

قال ابن قدامة رحمه الله : " يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية , إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم بعطيته , أو فاضل بينهم فيها أثم , ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين; إما رد ما فَضَّل به البعض , وإما إتمام نصيب الآخر . قال طاوس : لا يجوز ذلك , ولا رغيف محترق . وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد , وعروة " انتهى من "المغني" (5/ 387) .
وينظر جواب السؤال رقم : (22169) .

سئل علماء "اللجنة الدائمة" (16/207) : " إني أخاف الله وأعلم أن الموت حقيقة لا بد منه ، ولكن والدتي تملك بيتاً صغيراً ، قمت أنا ببنائه من جديد ، ولي أخ لم يشترك معي بشيء إطلاقاً ، ولكنه يغضب والدتي ووالدي كثيراً جداً، ويعاملهم معاملة سيئة للغاية طوال حياته حتى الآن، وهو الآن يعيش خارج البيت ، فغضبت والدتي وقررت أن تكتب هذا البيت لي، راجعتها كثيراً ولكنها مصممة على كتابته لي، فأنا الآن أسأل: هل يقع على والدتي ذنب في كتابتها لي البيت وحرمان أخي منه؟ وهل يقع علي أي ذنب لو قبلت ذلك من والدتي؟
فأجابوا: إذا كان الواقع كما ذكر فلا يجوز لوالدتك أن تعطيك البيت دون أخيك ؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ولما ورد في معناه من الأحاديث.
وإن فعلت ما ذكر فهي آثمة ، وأنت آثم ، لكون قبولك ذلك منها مشاركة لها في الإثم والعدوان، وقد نهى الله - سبحانه وتعالى- عن ذلك بقوله: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ).
ويجب أن ترد العطية أو أن تعطي الابن الثاني ما يعادلها ، وإذا رأيت أنها مصرة على عدم إشراكه معك ، فلا مانع من قبول العطية وإعطاء أخيك نصفها ؛ إبراء لذمتك إذا لم يكن لها من الأولاد غيركما "
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الثاني :
أن يكون هذا الأخ قد أنفق عليهم بنية الرجوع ، فللوالد أن يعطيه من ماله ، أو يوصي له فيه بقدر ما أنفقه ، ولو لم يعط باقي الإخوة مثل ذلك ، ولو لم يرض باقي الإخوة بهذه العطية ؛ لأن عطية الوالد في هذه الحالة ، ليست هبة ، ولا تفضيلا محضا ، وإنما هو نوع من قضاء الدين ، ومكافأة الباذل بقدر حقه .

سئل علماء " اللجنة الدائمة " (16/205): " لي والد يناهز من العمر حوالي خمسة وسبعين عاما، ولا زال على قيد الحياة ، له بيت مبني من الطين وقديم ويقع في مكان مناسب ، وقمت بهدم البيت وإعادة بنائه من جديد من المسلح على حسابي أنا ، وقد قمت بتأجير البيت ولا زلت أقسط من إيجاره بعض الأشخاص الذين يطلبون مني دينا ، علما أنني لم أقرض عليه من بنك التنمية العقاري ، والدي يرغب أن يتنازل عن هذا البيت لأحد أولادي ، والذي يناهز من العمر سبع سنوات على الأقل ، علما أن والدي عليه أنا وخمس بنات ، إحدى البنات أكبر مني والباقيات أصغر، وأنا الذي أعول والدي ووالدتي من مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة .

فأجابوا : " بتأمل ما ذكرت من أن ابنك الذي سيفرغ له البيت من قبل والدك لم يكن في حاجة له في الوقت الحاضر، وأنك وعدت والدك -إذا أفرغ البيت لابنك- أن تبني لإخوانك بيتا بدلا منه من ملكك ، وأن لك خمس أخوات متزوجات ، وأنك سبق أن بنيت بيت والدك الذي ينوي إعطاءه لابنك على نفقتك ، وهذا يدل على أن المقصود إعطاؤك أنت البيت وتخصيصك به دون أخواتك ، وإنما سمى ابنك في العطية حيلة على الحيف ؛ ولذلك فإنه لا يجوز أن يفرغ والدك البيت لابنك ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) أما ما ذكرته من إنفاقك على بيت أبيك ، فإن كنت متبرعاً بذلك في قرارة نفسك وقت الإنفاق فالله يأجرك ، وليس لك الرجوع به على والدك .
وإن كنت أنفقته بنية الرجوع : فلك ذلك، والأولى بك ألا تحاسب والدك ، وألا تستكثر ما أنفقته عليه ، فأجرك عند الله -سبحانه وتعالى- أكثر مما تتوقع ، إذا صدقت معه سبحانه وتعالى. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو...نائب الرئيس...الرئيس
عبد الله بن قعود...عبد الرزاق عفيفي...عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (131901).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب