الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم قراءة القرآن في الصلاة باللغة الإنجليزية

السؤال

لقد اعتنقت الإسلام منذ سنتين ، وأنا ملتزمة جدا بإتقان الصلاة وتلاوة القرآن. ولكن منذ فترة وجيزة ، لم أكن أعرف عن اختلاف الرأي حول الصلاة والتلاوة بلغتي الأولى ، اللغة الإنجليزية ، حيث أنني لا أتكلم العربية بطلاقة إلا بالتحيات الأساسية وبضع دعوات. ما هي الممارسات والآراء الصحيحة للمؤمن غير الناطق بالعربية فيما يتعلق بالصلاة والتلاوة؟ الأهم من ذلك هل صلواتي السابقة (التي أديتها و رتلتها بالكامل باللغة الإنجليزية) وقراءات القرآن باطلة لأنني أديتها باللغة الإنجليزية ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الواجب على المسلم أن يحفظ سورة الفاتحة؛ لأنه لا تصح الصلاة إلا بها، كما في الصحيحين عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ  البخاري (756) ومسلم (394).

وقال في حديث المسيء صلاته:  إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ  رواه البخاري (757) ، ومسلم (397).

ولا تصح قراءة القرآن بغير العربية؛ لأن القرآن لو ترجم لم يكن قرآنا، بل هو تفسير للقرآن.

ومن هنا أخذ جمهور الفقهاء وجوب قراءة القرآن بالعربية في الصلاة، وأن القراءة لا تصح إلا بالعربية .

خلافا لأبي حنيفة رحمه الله فإنه صحح القراءة بغير العربية ، وقيد صاحباه – أبو يوسف وأبو محمد – الجواز بالعاجز عن العربية .

جاء في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/110) :

" وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ : فَجَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : لَا تَجُوزُ إذَا كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِمَنْظُومٍ عَرَبِيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [الزخرف: 3] وَقَالَ تَعَالَى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [يوسف: 2].

وَالْمُرَادُ نَظْمُهُ .. " انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله: " ولا تجزئه القراءة بغير العربية، ولا إبدال لفظها بلفظ عربي، سواء أحسن قراءتها بالعربية أو لم يحسن. وبه قال الشافعي، وأبو يوسف، ومحمد.

وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك. وقال بعض أصحابه: إنما يجوز لمن لم يحسن العربية.

واحتج بقوله تعالى: وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ الأنعام/19 . ولا ينذر كل قوم إلا بلسانهم.

ولنا : قول الله تعالى: قرآنا عربيا [يوسف: 2]، وقوله تعالى: بلسان عربي مبين الشعراء/ 195.

ولأن القرآن معجزة؛ لفظه، ومعناه، فإذا غُير، خرج عن نظمه، فلم يكن قرآنا ، ولا مثله، وإنما يكون تفسيرا له، ولو كان تفسيره مثله لما عجزوا عنه لما تحداهم بالإتيان بسورة من مثله، أما الإنذار، فإنه إذا فسره لهم كان الإنذار بالمفسر دون التفسير.

فصل: فإن لم يحسن القراءة بالعربية، لزمه التعلم، فإن لم يفعل مع القدرة عليه، لم تصح صلاته، فإن لم يقدر أو خشي فوات الوقت، وعرف من الفاتحة آية، كررها سبعا ...

وإن لم يحسن شيئا منها، وكان يحفظ غيرها من القرآن، قرأ منه بقدرها إن قدر، لا يجزئه غيره؛ لما روى أبو داود، عن رفاعة بن رافع، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قمت إلى الصلاة، فإن كان معك قرآن فاقرأ به، وإلا فاحمد الله، وهلله، وكبره ولأنه من جنسها، فكان أولى. ويجب أن يقرأ بعدد آياتها ...

فإن لم يحسن شيئا من القرآن، ولا أمكنه التعلم قبل خروج الوقت، لزمه أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ لما روى أبو داود، قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن، فعلمني ما يجزئني منه. فقال: قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: هذا لله. فما لي؟ قال: تقول: اللهم اغفر لي، وارحمني، وارزقني، واهدني، وعافني " انتهى من المغني (1/ 350).

وأما قراءة ما زاد على الفاتحة فغير واجب.

وأما التكبير والتسبيح والتشهد، فيجب تعلم ذلك وأداؤه بالعربية، فإن لم يقدر على ذلك، أتى به بلغته، عند جمهور الفقهاء.

وينظر: جواب السؤال رقم (3471) ورقم (20953).

ثانيا:

ما كنت تقومين به من الصلاة مع قراءة القرآن بالإنجليزية يرجى لك فيه الثواب وعدم المؤاخذة لجهلك بالحكم، ومراعاة لمذهب من صحح القراءة بغير العربية.

وعليك من الآن التوقف عن قراءة القرآن في الصلاة بغير العربية، وتعلم الفاتحة وبعض السور القصار ، أو الآيات التي يمكنك تعلمها ، والصلاة بها .

ولا مانع من قراءة ترجمة معاني القرآن خارج الصلاة، بل ينبغي ذلك، لزيادة الفقه وتحصيل العلم. وينظر: جواب السؤال رقم (1690).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب