الحمد لله.
أولا:
يلزم المرأة المجامعة في نهار رمضان كفارة، إذا كانت عالمة ذاكرة مختارة، في قول جمهور الفقهاء، خلافا للشافعية.
وينظر: جواب السؤال رقم : (106532) .
ثانيا:
على القول بوجوب الكفارة، فهي على الترتيب عند الجمهور، فيلزمها عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا.
وذهب مالك وأحمد في رواية: إلى أن الكفارة على التخيير؛ لما روى أحمد (7692) ، ومالك في الموطأ (28) ، ومسلم (111) واللفظ له ، وأبو داود (2392) عن أبي هُرَيْرَةَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ، أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ، أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ".
ولفظ الموطأ والباقين: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، فَقَالَ: لَا أَجِدُ ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَحَدٌ أَحْوَجُ مِنِّي، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: كُلْهُ .
قال ابن عبد البر رحمه الله في "الاستذكار" (3/ 311) : "وفي قول الشعبي والزهري: ما يقضي لرواية مالك بالتخيير في هذا الحديث، وهو حجة مالك؛ إلا أن مالكا يختار الإطعام لأنه يشبه البدل من الصيام؛ ألا ترى أن الحامل والمرضع والشيخ الكبير والمفرط في رمضان حتى يدخل عليه رمضان آخر: لا يؤمر واحد منهم بعتق ولا صيام مع القضاء، وإنما يؤمر بالإطعام، فالإطعام له مدخل من الصيام ونظائر من الأصول .
فهذا ما اختاره مالك وأصحابه.
وقال ابن وهب عن مالك: الإطعام أحب إلي في ذلك من العتق وغيره.
وقال ابن القاسم عنه: إنه لا يعرف إلا الإطعام، ولا يأخذ بالعتق ولا بالصيام.
وقد ذكر عن عائشة قصة الواقع على أهله في رمضان، في هذا الخبر، ولم يذكر فيه الإطعام.
وذهب الشافعي والثوري وسائر الكوفيين: إلى أن كفارة المفطر في رمضان للجماع، عامدا: ككفارة المظاهر مرتبة" انتهى.
وحجة الجمهور: أن أكثر الروايات لهذا الحديث جاءت على الترتيب.
قال ابن حجر: "وجمع بعضهم بين الروايتين، كالمهلب والقرطبي: بالحمل على التعدد. وهو بعيد؛ لأن القصة واحدة، والمخرج متحد، والأصل عدم التعدد.
وبعضهم حمل الترتيب على الأولوية، والتخيير على الجواز، وعكسه بعضهم" انتهى من "فتح الباري" (4/ 168).
وقد سبق تقرير هذه المسألة، في أجوبة عديدة، وبيان أن القول الراجح فيها: هو قول الجمهور.
ينظر: جواب السؤال رقم :(189853) ، (131660) ، (106535) .
غير أن قول الإمام مالك في المسألة قوي، له دليله الذي قدمناه. وهو مذهب معتمد، غير مطرح؛ كيف وهو قول الإمام مالك، وهو من هو!!
وعليه:
فلو كان يترتب على المرأة ضرر ظاهر لو أخذت بقول الجمهور وصامت؛ فلا حرج عليها أن تأخذ بقول مالك، وتطعم من مالها ستين مسكينا دون علم زوجها.
والله أعلم.
تعليق