الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

الختان ؛ كيفيته وأحكامه

السؤال

هل يمكن أن تبين لنا ما هو الختان وما هو موضعه ؟.

الجواب

الحمد لله.

لقد ألف ابن القيم رحمه الله كتاباً قيماً في أحكام المولود سماه : "تحفة المودود في أحكام المولود" ، وقد عقد في هذا الكتاب باباً واسعاً تكلم فيه عن الختان وأحكامه ، وهذا ملخص منه ، مع بعض الزيادات عن غيره من أهل العلم .

1. معنى الختان :

قال ابن القيم :

الختان : اسم لفعل الخاتن ، وهو مصدر كالنزال والقتال ، ويسمى به موضع الختن أيضا ومنه الحديث : " إذا التقى الختانان وجب الغسل " ، ويسمى في حق الأنثى خفضا يقال : ختنت الغلام ختنا ، وخفضت الجارية خفضا ، ويسمى في الذكر إعذارا أيضا ، وغير المعذور يسمى أغلف وأقلف .

" تحفة المولود " ( 1 / 152 ) .

2. الختان سنة إبراهيم والأنبياء من بعده :

روى البخاري (6298) ومسلم (2370) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً ، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ .

و (الْقَدُوم) هو آلة النجار . وقيل : هو مكان بالشام .

قال الحافظ ابن حجر :

وَالرَّاجِح أَنَّ الْمُرَاد فِي الْحَدِيث الآلَة , فَقَدْ رَوَى أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن رَبَاح قَالَ : "أُمِرَ إِبْرَاهِيم بِالْخِتَانِ , فَاخْتَتَنَ بِقَدُّوم فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ عَجِلْت قَبْل أَنْ نَأْمُرك بِآلَتِهِ , فَقَالَ : يَا رَبّ كَرِهْت أَنْ أُؤَخِّر أَمْرك" اهـ

وقال ابن القيم :

والختان كان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس ، وقد روي أنه أول من اختتن كما تقدم ، والذي في الصحيح اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة ، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن والنصارى تقر بذلك ولا تجحده كما تقر بأنه حرَّم لحم الخنزير ...

" تحفة المودود " ( ص 158 – 159 ) .

هذا ، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الختان

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

وأقرب الأقوال : أنه واجب في حق الرجال ، سنة في حق النساء ، ووجه التفريق بينهما : أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهي الطهارة ، لأنه إذا بقيت هذه الجلدة : فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع ، وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك ، أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك .

وأما في حق المرأة : فغاية فائدته : أنه يقلل من غلمتها ، أي : شهوتها ، وهذا طلب كمال ، وليس من باب إزالة الأذى .

" الشرح الممتع " ( 1 / 133 ، 134 ) .

وهذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله . قال ابن قدامة في المغني (1/115) : فأما الختان فواجب على الرجال ، ومَكْرُمَة في حق النساء ، وليس بواجب عليهن اهـ

3. موضعه :

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

قال أبو البركات في كتابه " الغاية " : ويؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة ، وإن اقتصر على أخذ أكثرها جاز ويستحب لخافضة الجارية أن لا تحيف ، وحكي عن عمر أنه قال للخاتنة : أبقي منه إذا خفضت ، وقال الخلال في " جامعه " : ذكر ما يقطع في الختان : أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سئل أحمد : كم يقطع في الختانة ؟ قال : حتى تبدو الحشفة .

والحشفة : رأس الذكر ، كما في لسان العرب (9/47) .

وقال ابن الصباغ في " الشامل " : الواجب على الرجل أن يقطع الجلدة التي على الحشفة حتى تنكشف جميعها ، وأما المرأة فتقطع الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج بين الشفرين وإذا قطعت يبقى أصلها كالنواة .

وقال النووي رحمه الله :

والصحيح المشهور أنه يجب قطع جميع ما يغطي الحشفة اهـ . المجموع ( 1 / 351 ) .

وقال الجويني : القدر المستحق من النساء : ما ينطلق عليه الاسم ، قال : في الحديث ما يدل على الأمر بالإقلال ، قال : أَشِمِّي ولا تَنْهَكي ، أي : اتركي الموضع أشم والأشم المرتفع .

" تحفة المودود " ( 190 – 192 ) .

والحاصل أنه في ختان الذكر تقطع جميع الجلدة التي تغطي الحشفة ، وفي ختان الأنثى يُقطع جزءٌ من الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج .

4- الحكمة من مشروعية الختان

أما للرجل فلأنه لا يتمكن من الطهارة من البول إلا بالختان ، لأن قطرات من البول تتجمع تحت الجلدة فلا يُؤمن أن تسيل فتنجس ثيابه وبدنه . ولذلك كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يشدد في شأن الختان . قال الإمام أحمد : وكان ابن عباس يشدد في أمره ، ورُوي عنه أنه لا حج له ولا صلاة . يعني : إذا لم يختتن اهـ المغني (1/115) .

وأما حكمة الختان بالنسبة للمرأة فتعديل شهوتها حتى تكون وسطاً .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن المرأة : هل تختتن أم لا ؟

فأجاب : الحمد لله ، نعم ، تختتن ، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك ، قال رسول الله للخافضة وهي الخاتنة : (أشمي ولا تنهكي ، فإنه أبهى للوجه ، وأحظى لها عند الزوج) يعني : لا تبالغي في القطع ، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة ، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء [يعني : غير مختتنة] كانت مغتلمة شديدة الشهوة . ولهذا يقال في المشاتمة: يا بن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر . ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين . وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل ، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال . والله أعلم اهـ مجموع الفتاوى (21/114) .

5- ويجوز دفع المال للختَّان .

قال ابن قدامة :

ويجوز الاستئجار على الختان ، والمداواة ، لا نعلم فيه خلافا ؛ ولأنه فعل يحتاج إليه ، مأذون فيه شرعا ، فجاز الاستئجار عليه ، كسائر الأفعال المباحة .

" المغني " ( 5 / 314 )  .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب