السبت 20 جمادى الآخرة 1446 - 21 ديسمبر 2024
العربية

حكم الختان وكيفيته

السؤال

هل يمكن أن تبين لنا ما هو الختان وما هو موضعه؟

ملخص الجواب

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الختان، وأقرب الأقوال أنه واجب في حق الرجال سنة في حق النساء. والحكمة من مشروعية الختان للرجل فلأنه لا يتمكن من الطهارة من البول إلا بالختان، وأما بالنسبة للمرأة فتعديل شهوتها حتى تكون وسطاً.

الحمد لله.

لقد ألف ابن القيم رحمه الله كتاباً قيماً في أحكام المولود سماه: “تحفة المودود في أحكام المولود”، وقد عقد في هذا الكتاب باباً واسعاً تكلم فيه عن الختان وأحكامه، وهذا ملخص منه، مع بعض الزيادات عن غيره من أهل العلم.

معنى الختان في الإسلام

قال ابن القيم:

الختان: اسم لفعل الخاتن، وهو مصدر كالنزال والقتال، ويسمى به موضع الختن أيضا ومنه الحديث: إذا التقى الختانان وجب الغسل، ويسمى في حق الأنثى خفضا يقال: ختنت الغلام ختنا، وخفضت الجارية خفضا، ويسمى في الذكر إعذارا أيضا، وغير المعذور يسمى أغلف وأقلف. تحفة المولود (1 / 152).

الختان سنة إبراهيم والأنبياء من بعده

روى البخاري (6298) ومسلم (2370) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ.

و (الْقَدُوم) هو آلة النجار. وقيل: هو مكان بالشام.

قال الحافظ ابن حجر:

وَالرَّاجِح أَنَّ الْمُرَاد فِي الْحَدِيث الآلَة، فَقَدْ رَوَى أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن رَبَاح قَالَ: “أُمِرَ إِبْرَاهِيم بِالْخِتَانِ، فَاخْتَتَنَ بِقَدُّوم فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ عَجِلْت قَبْل أَنْ نَأْمُرك بِآلَتِهِ، فَقَالَ: يَا رَبّ كَرِهْت أَنْ أُؤَخِّر أَمْرك.” أ.هـ.

وقال ابن القيم:

والختان كان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس، وقد روي أنه أول من اختتن كما تقدم، والذي في الصحيح اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن والنصارى تقر بذلك ولا تجحده كما تقر بأنه حرَّم لحم الخنزير… تحفة المودود (ص 158 – 159).

حكم الختان في الإسلام

هذا، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الختان

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

وأقرب الأقوال: أنه واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء، ووجه التفريق بينهما: أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهي الطهارة، لأنه إذا بقيت هذه الجلدة: فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع، وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك، أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك.

وأما في حق المرأة: فغاية فائدته: أنه يقلل من غلمتها، أي: شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى.  الشرح الممتع  (1 / 133، 134).

وهذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله. قال ابن قدامة في المغني (1/115): فأما الختان فواجب على الرجال، ومَكْرُمَة في حق النساء، وليس بواجب عليهن. أ.هـ.

كيفيةالختان

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

قال أبو البركات في كتابه “الغاية”: ويؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة، وإن اقتصر على أخذ أكثرها جاز ويستحب لخافضة الجارية أن لا تحيف، وحكي عن عمر أنه قال للخاتنة: أبقي منه إذا خفضت، وقال الخلال في “جامعه”: ذكر ما يقطع في الختان: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سئل أحمد: كم يقطع في الختانة؟ قال: حتى تبدو الحشفة.

والحشفة: رأس الذكر، كما في لسان العرب (9/47).

وقال ابن الصباغ في “الشامل”: الواجب على الرجل أن يقطع الجلدة التي على الحشفة حتى تنكشف جميعها، وأما المرأة فتقطع الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج بين الشفرين وإذا قطعت يبقى أصلها كالنواة.

وقال النووي رحمه الله:

والصحيح المشهور أنه يجب قطع جميع ما يغطي الحشفة. أ.هـ. المجموع (1 / 351).

وقال الجويني: القدر المستحق من النساء: ما ينطلق عليه الاسم، قال: في الحديث ما يدل على الأمر بالإقلال، قال: أَشِمِّي ولا تَنْهَكي، أي: اتركي الموضع أشم والأشم المرتفع.  تحفة المودود (190 – 192).

والحاصل أنه في ختان الذكر تقطع جميع الجلدة التي تغطي الحشفة، وفي ختان الأنثى يُقطع جزءٌ من الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج.

الحكمة من مشروعية الختان

أما للرجل فلأنه لا يتمكن من الطهارة من البول إلا بالختان، لأن قطرات من البول تتجمع تحت الجلدة فلا يُؤمن أن تسيل فتنجس ثيابه وبدنه. ولذلك كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يشدد في شأن الختان. قال الإمام أحمد: وكان ابن عباس يشدد في أمره، ورُوي عنه أنه لا حج له ولا صلاة. يعني: إذا لم يختتن. أ.هـ. المغني (1/115).

وأما حكمة الختان بالنسبة للمرأة فتعديل شهوتها حتى تكون وسطاً.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن المرأة: هل تختتن أم لا؟

فأجاب: الحمد لله، نعم، تختتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك، قال رسول الله للخافضة وهي الخاتنة: أشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج يعني: لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء [يعني: غير مختتنة] كانت مغتلمة شديدة الشهوة. ولهذا يقال في المشاتمة: يا بن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر. ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين. وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال. والله أعلم اهـ مجموع الفتاوى (21/114).

هل يجوز دفع المال للختَّان؟

قال ابن قدامة:

ويجوز الاستئجار على الختان، والمداواة، لا نعلم فيه خلافا؛ ولأنه فعل يحتاج إليه، مأذون فيه شرعا، فجاز الاستئجار عليه، كسائر الأفعال المباحة. المغني (5 / 314).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب