الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

السحب على شهادات الاستثمار

السؤال

ما حكم الدخول في شهادات الاستثمار ( أ ) و ( ب ) و ( ج ) ؟

الجواب

الحمد لله.

شهادات الاستثمار التي تصدرها البنوك الربوية بأنواعها الثلاثة ( أ ) و ( ب ) و ( ج ) كلها محرَّمة .
وهذه الشهادات عبارة عن سندات ديْن بفائدة ، وهي تختلف باختلاف نوعها ، فشهادات استثمار الفئة ( أ ) تكون فائدتها نسبة مئوية ، وتضاف هذه الفائدة إلى أصل قيمة الشهادة ، إلى أن ينتهي أجل الشهادة بعد عشر سنوات .
وشهادات استثمار الفئة ( ب ) لها فوائد محددة ، وتصرف كل شهر ، أو ثلاثة أشهر ، أو ستة أشهر ، حسب الاتفاق مع البنك ، مع بقاء رأس المال الذي لا يتعرض للنقص .
وكلا النوعين محرَّم ، وهما قروض مضمونة مع فائدة مضمونة ، وليستا من المضاربة في شيء ، ولو كانت مضاربة لكانتا مضاربة فاسدة .
والشرع لا يبيح مضاربة يضمن فيها صاحب المال ماله ، ولا يعطي فيها العامل صاحبَ المال مبلغاً محدّداً .
ومن قرارات " مجلس مجمع الفقه الإسلامي " المنعقد في دورته الرابعة عشرة في قطر من 8 إلى 13 من ذي القعدة 1423هـ ، الموافق 11/16 كانون الثاني ( يناير ) 2003 :
" من المقرر أن عقد القرض بفائدة يختلف عن عقد المضاربة الشرعية ، حيث إن الربح للمقترض والخسارة عليه في القرض ، أما المضاربة : فهي مشاركة في الربح ، وتحمل للخسارة إن وقعت ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الخراج بالضمان ) رواه أحمد ، وأصحاب السنن بسند صحيح ، أي : ما يتحصل من عوائد ونماء وزيادات : إنما يحل لمن يتحمل تبعة التلف والهلاك والتعيّب ، وقد استخلص الفقهاء من هذا الحديث القاعدة الفقهية المشهورة " الغُنم بالغُرم " ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ( نهى عن ربح ما لم يُضمن ) رواه أصحاب السنُن .
وقد وقع الإجماع من الفقهاء على مدى القرون ، وفي جميع المذاهب : بأنه لا يجوز تحديد ربح الاستثمار في المضاربة ، وسائر الشركات بمبلغ مقطوع ، أو بنسبة من المبلغ المستثمر - رأس المال - ؛ لأن في ذلك ضمانًا للأصل ، وهو مخالف للأدلة الشرعية الصحيحة ، ويؤدي إلى قطع المشاركة في الربح والخسارة التي هي مقتضى الشركة والمضاربة ، وهذا الإجماع ثابت مقرر إذ لم تُنقل أي مخالفة له ، وفي ذلك يقول ابن قدامة في " المغني " ( 3 / 34 ) : أجمع من يُحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض ( المضاربة ) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة ، والإجماع دليل قائم بنفسه .
وإن المجمع وهو يقرر ذلك بالإجماع يوصي المسلمين بالكسب الحلال ، وأن يجتنبوا الكسب الحرام طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
وشهادات استثمار الفئة ( ج ) ليس فيها فائدة محدَّدة ، وله أن يسترد قيمتها متى شاء ، وهي تخوله الدخول في سحب دوري يجري على أرقام تلك الشهادات ، وهذا السحب مشروط في العقد مع المشترك ، بحيث أنه لولا هذا السحب لم يدخل في هذا البرنامج من الشهادات وهذا ما يجعل حكمها أنها ربوية كأختيها ، وهي داخلة أيضاً في قاعدة : " كل قرض جرَّ منفعة : فهو ربا " .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
يصدر " البنك الأهلي المصري " شهادات استثمار ( المجموعة ج ) وهي عبارة عن شهادات تشترى من البنك ، ويجري السحب عليها ( الشهادة المشتراة ) شهريًّا ، والشهادة التي تفوز تربح مبلغاً كبيراً من المال ، مع احتفاظ صاحب الشهادة برد الشهادة إلى البنك ، وأخذ قيمتها في أي وقت شاء ، فما حكم الشرع في هذا المبلغ الطائل من المال الذي يفوز به صاحب الشهادة الرابحة ؟ .
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر؛ فهذه المعاملة من الميسر ( القمار ) ، وهو من كبائر الذنوب ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) .
فعلى من يتعامل به أن يتوب إلى الله ، ويستغفره ، ويجتنب التعامل به ، وعليه أن يتخلص مما كسبه منه ، عسى الله أن يتوب عليه " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 301 ، 302 ) .
وانظر تفصيلاً أوفى في جواب السؤال رقم (72413) .
وقد صدر قرار من مجلس مجمع الفقه الإسلامي بتحريم الأنواع الثلاثة من شهادات الاستثمار ، ونص القرار :
" بسم اللـه الرحمن الرحيم
رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه .
قرار رقم ( 62 / 11 / 6 ) .بشأن ( السندات ) :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 - 20 آذار ( مارس ) 1990م .
بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة ( الأسواق المالية ) المنعقدة في الرباط 20-24 ربيع الثاني 1410هـ/20-24/10/1989م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية ، وباستضافة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية .
وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق ، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند ، أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغا مقطوعاً أم خصماً.
قرر :
1. إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط : محرَّمة شرعاً ، من حيث الإصدار ، أو الشراء ، أو التداول ؛ لأنها قروض ربوية ، سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة ، أو عامة ترتبط بالدولة ، ولا أثر لتسميتها " شهادات " أو " صكوكاً استثمارية " أو " ادخارية " ، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها " ربحاً " أو " ريْعاً " ، أو " عمولة " أو " عائداً " .
2. تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري ، باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية ، ويستفيد أصحابها من الفروق ، باعتبارها خصماً لهذه السندات .
3. كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز ، باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع ، أو زيادة ، بالنسبة لمجموع المقرضين ، أو لبعضهم ، لا على التعيين ، فضلاً عن شبهة القمار .
4. من البدائل للسندات المحرمة – إصداراً أو شراءً أو تداولاً - السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع ، أو نشاط استثماري معين ، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة ، أو نفع مقطوع ، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات ، أو الصكوك ، ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلا .
ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم ( 5 ) للدورة الرابعة لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة " انتهى .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب