الحمد لله.
طلب العلم من أفضل الأعمال ، وهو خير ما يقضي به الإنسان عمره ، وخير طريق يسلكه المسلم إلى الجنة .
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
( الدراسة صلاة ) "جامع بيان العلم" (1/104)
ويقول سفيان الثوري :
( ليس عمل بعد الفرائض أفضل من طلب العلم ) "حلية الأولياء" (6/361)
وقال الزهري رحمه الله :
( ما عُبِدَ اللَّهُ بمثل الفقه ) "جامع بيان العلم" (1/119)
وعن عبد الله بن وهب قال : كنت عند مالك بن أنس ، فجاءت صلاة الظهر أو العصر وأنا أقرأ عليه ، وأنظر في العلم بين يديه ، فجمعت كتبي وقمت لأركع ، فقال لي مالك : ما هذا ؟ قلت : أقوم للصلاة . قال : إن هذا لعجب ، فما الذي قمت إليه بأفضل من الذي كنت فيه ، إذا صحت النية فيه . "جامع بيان العلم" (122)
ولا شك أن استماع دروس العلماء الحاضرة والمسجلة من أهم وسائل تحصيل العلم ، وقد يسر الله لنا – بحمد الله - في هذه العصور وسائل كثيرة للاستفادة مما يلقيه العلماء في دروسهم ، ومن ذلك الدروس المسجلة في أشرطة التسجيل وبرامج التسجيل ، وفي الاهتمام بهذه الدروس المسجلة عدة فوائد :
1- تربية الطالب على الاستماع والإنصات ، وهو أدب رفيع ، وخلق عظيم ، أن يعتاد طالب العلم على تلقي العلم والاستفادة من المتحدث ، وقطع الطمع عن تصدر الحديث .
يقول سفيان الثوري كما في "روضة العقلاء" بسنده (34) :
( أول العلم الإنصات ، ثم الاستماع ، ثم الحفظ ، ثم العمل به ، ثم النشر )
2- إمكان مراجعة كلام العالم إذا لم يفهمه الطالب من المرة الأولى ، إذ قد يشكل على الطالب بعض الحديث ، فإذا أعاده وسمعه مرة أخرى اتضح له وجه الكلام .
3- تيسر تدوين الفوائد والتحكم في ذلك .
4- اختصار المسافات الطوال على طلاب العلم الذين قد لا يتيسر لهم السفر للتلقي عن العلماء مباشرة ، وقد أصبحت المكتبة الصوتية الإسلامية اليوم تزخر بمئات الشروح والدروس العلمية المفيدة ، التي تختصر على الطالب عمرا وجهدا ومالا .
5- إمكان اصطحاب هذه الدروس والاستماع إليها في أحوال مختلفة : أثناء الطريق في السيارة ، أو أثناء العمل ونحوه ، وفي ذلك استغلال للوقت ، وملء لأوقات الفراغ العارضة .
وهذه الفوائد والمزايا لا تعني أبدا الاستغناء عن حضور مجالس العلم والتلقي عن العلماء مباشرة ، فإن لكل وسيلة فوائدها ومزاياها ، وطالب العلم الناجح هو الذي يحسن استغلال الفرص ، ويعرف كيف يأخذ من رحيق جميع أزهار البستان .
كما نرجو أن يكتب الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه لكل من يستمع الدروس المسجلة الأجر ، وأن ينزل عليه السكينة ، ويشمله الله برحمته ، كما في الحديث الشريف المشهور :
( وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) رواه مسلم (2699)
انظر جواب السؤال رقم (1813) ، (22330)
والله أعلم
تعليق