الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز تأخير الزكاة خوفا من الحاجة للمال مستقبلا ؟

السؤال

نحن في فيروس كورونا الوبائي محجوزون، ولا نعرف ما الذي سيحدث في المستقبل، مكاتب العمل وكل شيء مُغلق، مما يعني أن الكسب غير مؤكّد والغذاء للمستقبل غير مؤكّد، في هذه الحالة هل الزكاة واجبة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا: 

من ملك نصابا وحال عليه الحول، لزمه زكاته، على الفور.

قال النووي رحمه الله : " يجب إخراج الزكاة على الفور إذا وجبت، وتمكن من إخراجها، ولم يجز تأخيرها. وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء ؛ لقوله تعالى : (وآتوا الزكاة)، والأمر على الفور .." انتهى من " المجموع شرح المهذب" (5/ 308) .

وفي "الموسوعة الفقهية" (23/ 294): " ذهب جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة وهو المفتى به عند الحنفية) : إلى أن الزكاة متى وجبت، وجبت المبادرة بإخراجها على الفور، مع القدرة على ذلك ، وعدم الخشية من ضرر.

واحتجوا بأن الله تعالى أمر بإيتاء الزكاة، ومتى تحقق وجوبها توجه الأمر على المكلف بها، والأمر المطلق يقتضي الفور عندهم؛ ولأنه لو جاز التأخير لجاز إلى غير غاية ، فتنتفي العقوبة على الترك؛ ولأن حاجة الفقراء ناجزة، وحقهم في الزكاة ثابت، فيكون تأخيرها منعا لحقهم في وقته" انتهى.

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "أنا شاب موظف لي دخل شهري محدود آخذ منه ما أحتاجه والباقي أضعه في البنك ، حتى يتكون لدي مبلغ أشتري به أرضاً أقيم عليها مسكناً أسكنه عندما أتزوج ، وفعلاً تكون لدي مبلغ خمسة وخمسون ألف ريال.....

فالسؤال : هل علي زكاة في هذه السنوات الثلاث ؛ لأنني سمعت أن من يجمع المال حتى يتزوج أو يبني مسكناً يسكنه لا زكاة عليه ؟

فأجاب : "هذا غلط  ، الصواب أن عليه الزكاة ، إذا جمع مالاً ليتزوج , أو ليبني مسكناً , أو ليوفي ديناً ، فالزكاة عليها إذا حال الحول على المال المجموع ، فإذا جمعت من رواتبك أو ثمن الأرض التي بعتها ورصدتها في البنك أو في غير البنك تنتظر تعمير أو تنتظر شراء أرضٍ أخرى ، أو تنتظر الزواج أو ما أشبه ذلك ، فإن عليك الزكاة إذا حال الحول، كل مال حال عليه الحول من النقود ، فإنه يجب عليك زكاته" انتهى من:

 http://www.binbaz.org.sa/mat/13601

ثانيا:

إذا لم يكن مع المزكي سيولة نقدية، جاز له التأخير حتى يحصل على النقود.

وينظر: جواب السؤال رقم : (173120) .

ثالثا:

إذا كان المالك فقيرا محتاجا إلى زكاته، تختل معيشته بإخراجها، جاز له التأخير ثم يخرجها فيما بعد.

قال في "كشاف القناع" (2/ 255): "(أو كان) المالك (فقيرا محتاجا إلى زكاته ، تختل كفايته ومعيشته بإخراجها) . نص عليه .

(وتؤخذ منه) الزكاة (عند يساره) لما مضى، لزوال العارض" انتهى.

فإذا وقف الإنسان عن العمل، وكان محتاجا للقدر الذي يخرجه في الزكاة، جاز له التأخير.

وأما إذا لم يكن محتاجا في الحال، وإنما يتخوف من المستقبل، فيلزمه إخراج الزكاة، أداء للواجب، وإبراء للذمة.

ثم إنه في أوقات البلاء والحاجة ينبغي أن يبادر الأغنياء  إلى الصدقة والزكاة، ولو بتعجيلها؛ ليخففوا عن إخوانهم الفقراء، موقنين أن الصدقة لا تنقص المال بل تزيده.

قال تعالى:  قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ  سبأ/39

وروى مسلم (4689) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ  .

وروى البخاري (1442)، ومسلم (1010) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :  مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا  .

نسأل الله أن يرفع البلاء والوباء.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب