يستثمر أموال غيره ويتحمل نصف الخسارة
مستثمر في أموال الغير - هل يجوز له في حال الربح أن يعطي 80% من الربح ويحتفظ بالباقي كأتعاب وفي حال الخسارة توزع 50% لكلا الطرفين ؟ في حال عدم الجواز, ما هي الصيغة الشرعية ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
المستثمر لأموال الآخرين ، إما أن يشارك بعمله فقط ، ويكون المال كله من غيره ،
وإما أن يشارك بماله وعمله ، فالأول يسمى عامل مضاربة ، وربحه يكون بحسب ما اتفق
عليه مع أصحاب المال ، فيجوز أن يكون 20% أو أكثر أو أقل ، ويجب أن تحدد هذه النسبة
في عقد المضاربة .
وأما الخسارة ، فلا يتحمل منها شيئا ، وتكون الخسارة كلها على صاحب رأس المال ،
ويخسر العامل عمله وجهده ، إلا إذا حصلت الخسارة بسبب تقصير أو اعتداء من العامل ،
فإنه يتحملها حينئذ .
وإذا اشتُرط في المضاربة أن الخسارة أو جزءا منها – ك 50% - يتحملها العامل ،
فالشرط باطل ، والعقد مختلف فيه ، هل يصح أو يفسد .
ثانيا :
وأما إن كنت مشاركا بمالك وعملك ، فإن الربح يكون حسب الاتفاق ، كما سبق .
وأما الخسارة فتكون بنسبة رأس المال ، فإذا كان لك عشر المال مثلا ، فإنك تحمل عشر
الخسارة ، وإذا كان لك نصف المال ، فإنك تتحمل نصف الخسارة وهكذا .
ومن كلام أهل العلم في كون العامل في المضاربة لا يتحمل الخسارة في المال ، وأن
الشركاء في المال يخسرون على قدر أنصبتهم :
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " الخسران في الشركة على كل واحد
منهما ( يعني : الشريكين ) بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران
بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة ( الخسارة ) أثلاثا . لا نعلم في هذا
خلافا بين أهل العلم . وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة
عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من
ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء "
انتهى
.
وقال أيضا : " متى شرط على المضارب ( العامل ) ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة (
يعني : جزءً من الخسارة ) , فالشرط باطل . لا نعلم فيه خلافا والعقد صحيح . نص عليه
أحمد . وهو قول أبي حنيفة , ومالك .
وروي عن أحمد أن العقد يفسد به . وحكي ذلك عن الشافعي ; لأنه شرط فاسد , فأفسد
المضاربة , والمذهب الأول " انتهى من
"المغني" (5/40).
والله أعلم .