صنع الشعارات وبيعها للبنوك الربوية
أمتلك شركة تتاجر في الهدايا والأدوات المكتبية مثل الأقلام والتي نعيد تصنيعها بحيث نضع شعار الشركات على هذه الأقلام. والشركة تستخدم هذه الأقلام إما لموظفيها وإما تعطيها لأشخاص من خارج الشركة. بعض من عملائنا عبارة عن بنوك غير إسلامية ومحطات تلفاز يطلبون منا تصنيع أقلام لهم عليها شعار شركتهم وعلامتهم التجارية، فهل المال الذي نكسبه من ورائهم حلال ؟ .
الجواب
الحمد لله.
بيع الأقلام للبنوك الربوية لتستخدمها في كتابة العقود المحرمة أو ما يعين على ذلك
، أو لتستخدمها في الدعاية لها ، حرام ، لأن الله تعالى حرم الإعانة على المعصية
عموما ، وحرم الإعانة على الربا خصوصا ، فقال سبحانه : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
المائدة/2.
وفي صحيح مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ
وَشَاهِدَيْهِ . وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) .
وقد صرح الفقهاء بتحريم بيع ما يستعين به مشتريه على معصية الله .
جاء في حاشية الدسوقي المالكي على "الشرح الكبير" (3/20) : " يمنع بيع كل شيء علم
أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز- وذكر من ذلك- بيع أرض لتتخذ كنيسة أو خمّارة،
والخشبة لمن يتخذها صليباً ، والعنب لمن يعصره خمراً"
انتهى
.
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/154) :
"بيع العصير ممن يتخذه خمرا باطل. إذا ثبت هذا فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم
البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، فأما إن كان
الأمر محتملا مثل أن يشتريها من لا يعلم، أو من يعمل الخل والخمر معا ولم يلفظ بما
يدل على إرادة الخمر فالبيع جائز" انتهى
.
ثم قال رحمه الله :
" وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام , كبيع السلاح لأهل الحرب , أو لقطاع الطريق
, أو في الفتنة , وبيع الأمة للغناء , أو إجارتها كذلك , أو إجارة داره لبيع الخمر
فيها , أو لتتخذ كنيسة , أو بيت نار , وأشباه ذلك . فهذا حرام , والعقد باطل "
انتهى
.
وبهذا يعلم أنه لا يجوز بيع السلع المباحة لمن يستعملها في المعصية .
والترويج للمعصية ودعوة الناس إليها معصية ، لا يجوز للمسلم أن يعين عليها.
وعلى هذا ؛ فما دامت هذه البنوك ربوية فلا يجوز أن تبيع لها أقلاماً تستخدمها في
الدعاية لها ، أو يكتب بها موظفوها عقوداً محرمة .
وإذا كانت تلك المحطات من المحطات التي تنشر المحرمات كظهور المرأة متبرجة أو نشر
المسلسلات الهابطة والأفكار الهدامة ونحو ذلك فإنه لا يجوز أن يباع لهم ما يتخذونه
وسيلة لترويج منكراتهم والدعوة إليها ، ومن ذلك : وضع الشعار على الهدايا التي
يوزعونها للناس بقصد دعوتهم إلى هذه المنكرات .
وإذا تركت أخي السائل البيع لهؤلاء طلبا لمرضاة الله وتحريا للحلال من الرزق فتيقن
أن الله عز وجل سيخلف عليك بخير مما كنت ستكسبه من البيع لهم ، فقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : (إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك
منه) رواه أحمد وصححه الألباني في "السلسلة
الصحيحة" (2/734) .
والله أعلم .