حكم جلوس العروسين على المنصة بين النساء
ما حكم أن يزف الرجل مع عروسه في قاعة فيها نساء من غير المحارم ؟
الجواب
الحمد لله.
مِنصة العروس – وهو المكان الذي تُرفع عليه لتظهر أمام النساء – من العادات العربية
القديمة ، تجتمع فيه النساء حولها للغناء والفرح ، لتزف العروس بعدها إلى زوجها ،
حيث السعادة والسكينة المقصودة من الزواج .
غير أن الحال قد تبدل في هذه الأزمان ، فأحدث الناس في عاداتهم ما صيَّر الحلالَ
حرامًا والمعروفَ منكرا ، فاختلطت بهذه العادة أشياء من المنكرات والمحرمات : من
رقصٍ ماجنٍ ، وأصواتِ المعازف ، واختلاط الرجال بالنساء وغيرها ، ومن هذه المنكرات
: جلوس الزوج مع عروسه على المنصة ، لتغني لهما النساء وهن في زينتهن وحليهن .
ووجه النكارة فيه أنه يودي بالرجل إلى الوقوع في النظر المحرم إلى النساء الأجنبيات
، وقد أخذن زينة الاحتفال ، وتبرجن ليوم الفرح ، وغالبا ما يتساهلن في إظهار ذلك
للعروسين على المنصة ، ويشرعن في الغناء ، وأحيانا في الرقص بين أيديهما ، والواجب
على النساء ستر وجوههن عن الأجانب ، وخفض أصواتهن في حضرتهم ، فهل يمتثل ذلك من
يتساهل في وجوده عند جلوس العروسين على المنصة ؟!
وأنقل لك هنا - أختنا الفاضلة - مجموعةً من فتاوى أهل العلم في هذه المسألة :
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/120) :
" ظهور الزوج على المنصة بجوار زوجته أمام النساء الأجنبيات عنه اللاتي حضرن حفلة
الزواج ، وهو يشاهدهن وهن يشاهدنه ، وكل متجمل أتم تجميل وفي أتم زينة - لا يجوز ،
بل هو منكر يجب إنكاره والقضاء عليه من ولي الأمر الخاص للزوجين ، وأولياء أمور
النساء اللاتي حضرن حفل الزواج ، فكلٌّ يأخذ على يد من جعله الله تحت ولايته ، ويجب
إنكاره مِن ولي الأمر العام ، مِن حكام وعلماء وهيئات الأمر بالمعروف ، كل بحسب
حاله من نفوذ أو إرشاد ، وكذلك استعمال الطبول وسائر المحرمات الى ترتكب في مثل هذا
الحفل . نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه رضاه ، وأن يجنبنا الفواحش ما ظهر
منها وما بطن ، وأن يلهم الجميع رشده "
انتهى .
وفيها أيضا (19/103) :
" السؤال : تعلمون أن الأعراس هذه الأيام بها نوع من عدم الحكمة والمغالاة في الأكل
، فهل يجوز أن أذهب إليها مع علم مسبق أنه سوف يكون هناك إسراف ؟
وهل يجوز أن أسمح لزوجتي أن تذهب إلى العرس ؟
علما أن العريس وبعض أهله الرجال وقت " الزفة " - على حد قولهم - يدخلون عند النساء
. فما الحكم أثابكم الله وجزاكم خيرا ؟
فأجابت :
إذا كانت أحوال العرس كما ذكرت من المغالاة في الوليمة ، ومن اختلاط الرجال الأجانب
بالنساء عند ما يسمى بـ " الزفة " ، فلا تذهب إلى هذا العرس ، ولا تسمح لزوجتك
بالذهاب إليه ، إلا إذا كان لديك من القوة والوجاهة ما تستطيع أن تغير به المنكر ،
وترشد من حضر إلى الحق والصواب ، فيجوز لك الحضور ، بل يجب عليك ، إقامةً للحق
والقضاء على المنكر ، وكذلك الحال بالنسبة لزوجتك ، والله الهادي إلى سواء السبيل "
انتهى
.
وفي فتاوى الشيخ ابن باز (4/244) :
" ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين
النساء ، يجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات ، وربما حضر معه غيره
من أقاربه أو أقاربها من الرجال , ولا يخفى على ذوي الفطر السليمة والغيرة الدينية
ما في هذا العمل من الفساد الكبير ، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة النساء
الفاتنات المتبرجات , وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة , فالواجب منع ذلك
والقضاء عليه ، حسما لأسباب الفتنة ، وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع
المطهر ، وإني أنصح جميع إخواني المسلمين في هذه البلاد وغيرها بأن يتقوا الله
ويلتزموا شرعه في كل شيء ، وأن يحذروا كل ما حرم الله عليهم ، وأن يبتعدوا عن أسباب
الشر والفساد في الأعراس وغيرها ، التماسا لرضى الله سبحانه وتعالى ، وتجنبا لأسباب
سخطه وعقابه " انتهى
.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فتاوى نور على الدرب" (النكاح/س رقم/415)
السؤال الآتي :
ما حكم ما يسمى بالتشريع للفتاة أثناء الحفل بين النساء ، نرجو منكم إجابة جزاكم
الله خيرا ؟
فأجاب رحمه الله :
" تشريع المرأة ليلة الزواج إذا كان على الوجه الذي لا يتضمن محظوراً فلا بأس به ،
مثل أن يؤتى بالمرأة المتزوجة وعليها ثيابٌ لا تخالف الشرع ، وتجلس على منصة حتى
يراها النساء ، وليس في النساء خليطٌ من الرجال ، وليس مع المرأة زوجها ، فإن هذا
لا بأس به ؛ لأن الأصل في غير العبادات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ، أما لو
كانت المرأة هذه تأتي إلى النساء ومعها زوجها ، أو يكون في محفل النساء رجال ، فإن
ذلك لا يجوز ؛ لأن هذا يتضمن محظوراً شرعياً ، ثم إنه من المؤسف أنه في بعض الأحيان
أو من عادات بعض الناس أن يحضر الزوج مع الزوجة في هذه المحفل ، وربما يُقَبِّلها
أمام النساء ، وربما يلقمها الحلوى وما أشبه ذلك ، ولا شك أن هذا سخافةٌ عقلاً
ومحظورٌ شرعاً : أما السخافة العقلية فلأنه كيف يليق بالإنسان عند أول ملاقاة زوجته
أن يلاقيها أمام نساء يقبلها أو يلقمها الحلوى أو ما أشبه ذلك ، وهل هذا إلا سببٌ
مثيرٌ لشهوة النساء ، لا شك في هذا .
وأما شرعاً فلأن الغالب أن النساء المحتفلات يكن كاشفات الوجوه ، بارزات أمام هذا
الرجل ، وفي ليلة العرس ونشوة العرس يكن متجملات متطيبات ، فيحصل بهن الفتنة ،
وربما يكون في ذلك ضرر على الزوجة نفسها ، فإن الزوج ربما يرى في هؤلاء المحتفلات
من هي أجمل من زوجته وأبهى من زوجته ، فيتعلق قلبه بما رأى ، و( يقل قدر ) زوجته
عنده ، وحينئذٍ تكون نكبة عليه وعلى الزوجة وعلى أهلها .
فالحذر الحذر من هذه العادة السيئة ، ويكفي إذا أرادوا أن تبرز المرأة وحدها أمام
النساء كما جرت به العادة من قديم الزمان في بعض الجهات "
انتهى
.
ويقول أيضا في "اللقاء الشهري" (لقاء رقم/85،ص/8) :
" ومن المنكر : أن يأتي الزوج في محفل النساء ويكون قد أعد له ماسة ، وإن شئت فقل :
منصة ، ويجلس هو والزوجة أمام النساء ، حتى قيل : إن بعض السفهاء يقبل زوجته أمام
النساء !! نعوذ بالله ! ألا يثير الشهوة هذا ؟! بلى والله ، مهما كانت المرأة في
التقوى وتشاهد شاباً وشابة يقبل أحدهما الآخر إلا وستثور شهوتها ، وربما يأتي
بتفاحة أو بحلوى ويلقمها الزوجة أمام النساء ، كل هذا من الفتن ، وهذا حرام بلا شك
، وأقبح من ذلك أن بعض الناس يأتي بفيديو ويصور هذا المشهد ، كل هذا حدثت أخيراً "
انتهى
.
وقد سبق في موقعنا نقل بعض الفتاوى في هذه المسألة ، فانظري الأرقم الآتية : (46979)
، (98933)
والله أعلم .