ماذا لو كانت نيتي سليمة في فعل شيء إلا أن نتائجه كانت حرامًا ؟ هل يكون إثم ذلك الفعل عليّ ؟ مثلاً : إذا أعطيت أحد الأشخاص حيوانًا كنت تملكه وأوصيته بأن يرعاه ، ثم اكتشفت بعد ذلك أنه أساء معاملة الحيوان ، فهل آثم على ذلك ؟
الحمد لله.
إذا أعطيتِ غيرك حيوانا وأوصيته برعايته ، لكنه أساء معاملته ، فلا يلحقك إثم بذلك ، إلا إذا كنت تعلمين أنه يسيء للحيوانات ويغلب على ظنك أنه لن ينفذ وصيتك ، فهنا يلحقك الإثم ، لأن هذا التصرف فيه إعانة وتمكين له من الحرام . وإذا أمكن استرجاع الحيوان وإنقاذه من الأذى ، لزمك ذلك .
فمن كانت نيته صالحة ، وتصرف بأمر مباح ، فالأصل أنه لا يأثم ولو ترتب على ذلك أمر محرم ، إلا إذا كان يعلم أو يغلب على ظنه حصول الأمر المحرم من جهة الغير ، فليس له أن يعينه على ذلك . ومثّل الفقهاء لذلك ببيع العنب لمن يعلم أنه يصنعه خمرا ، أو بيع السلاح لمن يعلم أنه يستعمله في الحرام ، فالبيع في أصله مباح ، لكن إذا عُلم أو غلب على الظن أن مشتريه سيستعمله في الحرام ، لم يجز البيع له .
وقالوا مثل ذلك في العارية ، فلا يجوز أن تعطى العارية لمن يستعملها في الحرام ، كإعارة آنية لمن يشرب فيها الخمر ، أو إعارة سكين لمن يذبح بها خنزيرا ، أو إعارة شقة لمن يرتكب فيها الحرام .
وغلبة الظن هنا كالعلم ، فإذا غلب على الظن أن العمل سيترتب عليه شيء من الحرام ، لم يجز .
وينظر : "المغني" (5/131) ، "حاشية الدسوقي" (3/435) ، "مطالب أولي النهى" (3/726) .
وبالجملة ؛ فلا يجوز فعل الحرام ، ولا فعل ما يغلب على الظن أنه يترتب عليه الحرام ، ولو كان من الغير .
والله أعلم .