حلف بالطلاق أنه إن سمع صوتها أخرجها من المنزل
هل العبرة في الحلف بالطلاق المعلق مطلق اللفظ أم نية الحالف ؟ مثلا لو قال لزوجته : لو سمعت صوتك سأخرجك خارج المنزل ، حالفا بالطلاق ، وهو يقصد أن لا ترفع صوتها بالبكاء ، حتى لا يسمع الجيران فبكت بصوت منخفض ، ولم يخرجها هل يكون الطلاق وقع أم مجرد يمين يكفر عنه ؟ وهل الحكم يقع على أي صوت في أي وقت أم على ما نوى ؟
الجواب
الحمد لله.
الطلاق المعلق كقول الزوج لزوجته : إن سمعت صوتك فأنت طالق ، محل خلاف بين أهل
العلم ، فالجمهور على أنه يقع الطلاق عند وقوع الأمر المعلق عليه ، دون نظر إلى نية
الزوج ، هل أراد الطلاق أم لا ؟
وذهب بعض أهل العلم - واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - إلى أن هذا الطلاق ، ويرجع
إلى نية القائل ، فإن قصد الحث على فعل شيء أو المنع من فعله ، فإن الطلاق لا يقع ،
ويلزمه كفارة يمين عند الحنث .
وإن قصد إيقاع الطلاق عند حصول الشرط ، طلقت زوجته .
والله تعالى مطلع على نيته لا تخفى عليه خافية ، فليحذر المسلم من التحايل على ربه
، ومن خداع نفسه .
والحلف بالطلاق كقول الزوج : عليّ الطلاق أو الطلاق يلزمني إن سمعت صوتك ، فيه نفس
الخلاف السابق .
والذي عليه الفتوى في هذا الموقع هو الأخذ بالقول الثاني ، وهو مراعاة نية الزوج .
هذا بالنسبة لأصل الحلف أو تعليق الطلاق .
ثم إنه يعمل بنية الزوج أيضا في تحديد مراده ، وفي المدة التي يريد منع الزوجة فيها
، فإن كان مراد بقوله : إن سمعت صوتك ، ألا ترفع صوتها بحيث يسمعها الجيران ، فيعمل
بهذه النية ، فإن بكت بصوت منخفض لا يسمعه الجيران فلا يقع الطلاق .
وكذلك إن كانت نيته هي عدم رفع الصوت في هذا الوقت فقط ، عُمل بنيته .
وخلاصة الأمر في هذه الصورة المسئول عنها : أن الزوج إن كان يريد منع زوجته ولا
يريد الطلاق ، فإنه في حال الحنث تلزمه كفارة اليمين ، ولا يقع الطلاق بذلك ، وإن
كان يريد الطلاق ، فإنها تطلق .
وإن كان يريد منع زوجته من رفع صوتها ، فخفضت صوتها ، فإنه لا يحنث ، ولا يلزمه شيء
.
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى ، وأن لا يستعمل الطلاق في غير موضعه ، فإن الطلاق
لم يوضع للتهديد والتخويف ولا لظلم المرأة وقهرها ، وليحذر من الحلف بالطلاق حتى لا
يعرض حياة الزوجية للانهيار والفشل ، ثم يندم حين لا ينفعه الندم .
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين .
والله أعلم .