أنا طالب في السنة الأخيرة بكلية الطب البيطري ، وكثيراً ما نعمل عمليات جراحية للكلاب والقطط ، وأحياناً تكون هذه العمليات علاجاً لبعض الأورام الخبيثة ، أو لأسباب أخرى ، لكن الذي لفت انتباهي في هذه الأيام – وللأسف الشديد- أن بعض الناس يقلدون الغرب ، فترى أحدهم يأتي بالكلب ، ويريد أن تعمل عملية خصي أو استئصال رحم أو مبايض أو قطع ذيل ..إلخ ، وليس هناك داع لهذه العملية ، ولكن فقط لرغبة صاحب القطة أو الكلب ، وطبعاً كثير من هؤلاء الناس لا يستخدمون الكلاب للحراسة ، وإنما يكون داخل البيت . والسؤال : ما حكم هذه العمليات التي ليس لها ضرورة سوى رغبة صاحب الحيوان ؟
الحمد لله.
"أولاً : ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من اتخذ كلباً إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط) خرجه الشيخان في صحيحيهما ، وقال عليه الصلاة والسلام : (من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله كل يوم قيراط) متفق على صحته . وبهذه النصوص وغيرها يعلم أن ما وقع فيه بعض المسلمين من اقتناء الكلاب لغير مسوغ من المسوغات الثلاثة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يفعل ذلك تشبهاً بالكفار ، أو لمجرد التسلية واللهو – أنه محرم ، ولا يسوغ بحال .
ثانياً : يجب أن يكون التعامل مع الحيوانات المباحة في مداواتها وتغذيتها بقدر الحاجة ، وأن لا تزيد النفقة عليها إلى حد الإسراف والتبذير ، فذلك من عمل إخوان الشياطين ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/27 ، وما ذكر في السؤال من كون بعض الناس يعمد إلى شيء من هذه الحيوانات فيجري لها عمليات لا تدعو الحاجة إليها ، بل هي إلى اللهو والعبث أقرب – لا شك أنه محرم ؛ لكونه تغييراً لخلق الله ، أو تمثيلاً بالحيوان ، وهذا من عمل الشيطان ، كما قال الله تعالى عنه : (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) النساء/118، 119 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما مُرَّ عليه بحمار قد وسم في وجهه : (لعن الله الذي وسمه) خرجه مسلم في صحيحه ، إضافة إلى أن هذه العمليات تبذير وإسراف وإنفاق للمال في غير محله ، واللائق بحال المسلم الاقتصاد في صرف الأموال واستعمال المباحات ، وأن لا تكون الدنيا أكبر همه ومنتهى أمله ، قال الله تعالى في صفات عباده الصالحين : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان/67 ، هذا في الأمور الجازة ، فكيف بغيرها ؟! والإنسان مسئول يوم القيامة عن كل درهم حصله ؛ من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ؟ .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/164) .