هل يأثم إذا استمر في استعمال الحاسوب وهو يؤذي عينيه ؟
أقضي تقريباً معظم وقتي أمام شاشة الحاسوب ، وأنت تعلم أن الأشعة التي تنبعث منها مُضرة بالعين ، وأنا لا أستعمل أي واقٍ على عيني ، وقد تسببت لنفسي أن ضعف بصري ، ولم أعد أرى جيداً بسبب أشعة الحاسوب ، وأعلم أن الله عز وجل يقول : ( ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ما أريد أن أعرفه هو :
هل ما أقوم به أنا الآن حرام أم حلال ؟ يعني هل أُعتبر مُعرضا نفسي للتهلكة التي نهانا الله تعالى عنها في الآية الكريمة ؟ علماً أنني لا أقوم بشيء مُحرم أمام الحاسوب ، فقط التفقه في الدين والبحث عن الاستفادة .. ؟
الجواب
الحمد لله.
لا يجوز لك الاستمرار في إهمال عينيك وإلحاق الضرر بهما ، وإن كنت لا تكترث لما
يصيبك من الأذى فالشريعة لا ترضى بذلك ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن جميع
أنواع الأذى والضرر بقوله : ( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار )
رواه ابن ماجه (2340)
.
قال الشاطبي رحمه الله في "الموافقات" (3/16) :
" الضرر والضرار مبثوث منعه في الشريعة كلها في وقائع جزئيات وقواعد كليات ، كقوله
تعالى: ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) ، ( ولا تضاروهن ) ، ومنه النهي عن التعدي
على النفوس والأموال والأعراض ، وعن الغصب والظلم ، وكل ما هو في المعنى إضرار أو
ضرار ، ويدخل تحته الجناية على النفس أو العقل أو النسل أو المال .
فهو معنى في غاية العموم في الشريعة لا مراء فيه ولا شك " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " المعنى : كل شيء يضر بالشخص في دينه أو دنياه
محرم عليه تعاطيه : من سم أو دخان أو غيرهما مما يضره ؛ لقول الله سبحانه وتعالى :
( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم
: ( لا ضرر ولا ضرار ) " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (6/23-24)
.
فاحرص على اتباع نصائح الطبيب في طريقة استعمال الحاسوب ، ومراعاة الوسيلة التي لا
تضر عينيك ، واستغفر الله على ما فات من تفريطك ، ولا تفرط في صحتك ، ولا تهمل شأنك
في مستقبل أمرك ؛ فهذا كله من نعم الله تعالى التي يجب المحافظة عليها ، ثم إن
استمر الضرر في عينيك – بعد أخذك بأسباب الوقاية – فلا حرج عليك حينها إن شاء الله
تعالى ، بل لك الأجر إن صبرت واحتسبت .
نسأل الله لنا ولك الصحة والعافية .
وانظر جواب السؤال رقم : (107305)
.
والله أعلم .