إدخال الحج على العمرة قبل الحلق
إذا أحرم المتمتع من الميقات ، وأدى مناسك العمرة ، ولم يحل إحرامه منها ، بل ظل في إحرامه ، ونوى به الحج . فما حكمه؟
الجواب
الحمد لله.
إن كان مرادك بقولك : (لم يحل إحرامه منها) ، أنه طاف للعمرة وسعى ، وحلق أو قصر من
شعره ، ولم يخلع ثياب الإحرام ، بل أحرم بالحج فورا ، بملابس إحرام العمرة ، فهذا
لا شيء عليه ؛ لأنه متمتع انتهى من أفعال العمرة ثم أحرم بالحج ؛ فعمرته صحيحة
وكذلك حجه . فإن كان إحرامه بالحج قبل يوم التروية فهو قد استعجل ، وغايته أنه خالف
السنة بتعجله ، ولكن لا شيء عليه لذلك ، وعليه دم ؛ لتمتعه ، كغيره .
وإن كان مرادك بقولك : (لم يحل إحرامه منها) ، أنه أدخل الحج على العمرة بعد ما طاف
وسعى لها وقبل أن يحلق أو يقصر من شعره ، فقد اختلف العلماء في هذا : والمشهور من
المذهب أن حجه غير صحيح ؛ لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها
؛ لأنه شرع بالتحلل من العمرة بذلك . صرح بذلك الفقهاء رحمهم اللَّـه إلا لمن كان
معه هدي .
وفي قول ثان ذكره الموفق في المغني وغيره : أنه يصح حجه ، وعليه دم ، ويكون بذلك
قارنا . قال في المغني (5/ 244) . : وإن أحرم بالحج قبل التقصير ، فقد أدخل الحج
على العمرة ؛ فيصير قارنا.اهـ . مع أن الموفق ذكر فيما سبق أنه لا يصح .
وقد استشكل العلماء هذا ، فقال بعضهم : إن ذلك سهو من الموفق رحمه اللَّـه . وبعضهم
قال : إنه غير سهو ، وإنما أخذ بقول آخر . وقال آخرون : إن المراد من كان معه هدي .
والقول بصحة حجه مذهب المالكية . وممن قال به من الحنابلة : الموفق في المغني
وصاحب الشرح الكبير (3/ 424) .والمستوعب (4/291) والمبدع (3/327) ، وقال به
الشيخ أبو المواهب والشيخ سليمان بن علي ، ذكره في مفيد الأنام ، واختاره إذا كان
ناسيا أو جاهلا ، وعليه دم ؛ لتركه الحلق ، أو التقصير . واللَّـه أعلم .
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل .
وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يصح حجه ، ويكون متمتعاً ، عملاً بنيته ،
ويكون عليه أن يذبح شاة لأنه ترك واجباً من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير ،
فقد سئل رحمه الله : المتمتع إذا نسى التقصير من شعره ثم دخل في الحج وتذكر بعد ما
دخل في الحج فما الحكم ؟
فأجاب:
"هذه مسألة عظيمة ، بعض العلماء يقول : لا حج له ؛ لأنه أحرم بالحج في غير موضعه ،
إذ إنه لو كان يريد أن يكون قارناً لأحرم بالحج قبل الطواف ، فهو الآن لا قارن ،
ولا متمتع ، والذي نرى أنه متمتع ، وأنه يلزمه فدية لترك التقصير ، وحجه صحيح إن
شاء الله" انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (22/474، 475) .
والله أعلم .