حديث ضعيف فيه دعاءٌ يُقبِلُ بالدنيا على العبد
أرغب في معرفة صحة هذا الحديث : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا قال : يا رسول الله ! إن الدنيا أدبرت عني وتولت . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فأين أنت من صلاة الملائكة ، وتسبيح الخلائق ، وبه يرزقون ؟ قل عند طلوع الفجر : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، أستغفر الله ، مائة مرة ، تأتيك الدنيا صاغرة ) فولى الرجل ، فمكث ثم عاد فقال : يا رسول الله ! لقد أقبلت علي الدنيا فما أدري أين أضعها .
الجواب
الحمد لله.
هذا الحديث ضعيف ، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (3731) ، ونقله الحافظ في "لسان الميزان"
وقال : أخرجه الدارقطني في "الرواة عن مالك" ، وعزاه السيوطي في "الخصائص الكبرى"
(2/262) للخطيب البغدادي في "رواة مالك" .
وقال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (3/434) في ترجمة عبد الرحمن بن محمد
اليحمدي ، ويقال التميمي : " شيخ مجهول ، روى عنه أحمد بن محمد بن غالب المعروف
بغلام خليل وهو تالف ، وأخرج الدارقطني في " الرواة عن مالك " عن داود بن حبيب ، عن
أحمد بن محمد بن غالب ، عنه ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رجل : يا
رسول الله ! وذكر الحديث
قال الحافظ ابن حجر : وأخرجه الخطيب من طريق أبي الفتح الأزدي ، عن عبد الله بن
غالب ، عن غلام خليل ، عن عبد الرحمن بن محمد التميمي به .
وأخرج من طريق أبي حمة محمد بن يوسف ، عن يزيد بن أبي حكيم ، عن إسحاق بن إبراهيم
الطهوي ، عن مالك نحوه ، وقال : لا يصح عن مالك ، ولا أظن إسحاق لقي مالكا . وقد
رواه جماعة بأسانيد كلها ضعاف " انتهى باختصار.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية كثيرة فيها سؤال الغنى ، والبركة في
الرزق ، فليدع المسلم بها ويجتنب الأحاديث الضعيفة ، منها :
1- عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا
جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ، قَالَ :
أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ
اللَّهُ عَنْكَ ؟ قَالَ : قُلْ : (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ
، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) رواه الترمذي (3563) وحسنه
الألباني في صحيح الترمذي .
2- روى الترمذي (3500) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُ دُعَاءَكَ اللَّيْلَةَ ، فَكَانَ الَّذِي وَصَلَ
إِلَيَّ مِنْهُ أَنَّكَ تَقُولُ : (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَوَسِّعْ لِي
فِي دَارِي ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي. قَالَ : فَهَلْ تَرَاهُنَّ
تَرَكْنَ شَيْئًا؟) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي
3- وفي دعاء القنوت المشهور : (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي
فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا
أَعْطَيْتَ) رواه الترمذي (646) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ولتعلم أخي السائل أن الغنى الحقيقي هو غنى النفس ، وليس كثرة المال ، روى البخاري
(6446) ومسلم (1051) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ ،
وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ) .
والله أعلم .