أخته تحادث رجلاً أجنبيّاً ووالداها لا ينكران عليها فماذا يفعل؟
شخص له أخت تكلم شابّاً على الهاتف ، ونصحها ، فلم تستجب ، فقال لأبويهما ، فلم يُنكرا عليها ، وهو لا يحب الدياثة ، وهو غيور جدّاً ، فماذا يمكن أن يفعل ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
"الغيْرة من الغرائز البشريّة الّتي أودعها اللّه في الإنسان تبرز كلّما أحسّ شركة
الغير في حقّه بلا اختيار منه ، أو يرى المؤمن حرمات اللّه تنتهك .
والغيرة على حقوق الآدميّين الّتي أقرّها الشّرع مشروعة ، ومنها غيرة الرّجل على
زوجته أو محارمه ، وتَرْكُها مذمومٌ ، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ( أتعجبون
من غيْرة سعد ؟ لأنا أغير منه ، واللّه أغير منّي ) وفي رواية : ( إنّه لغيور ،
وأنا أغير منه ، واللّه أغير منّي ) .
وإنّما شرعت الغيرة لحفظ الأنساب ، وهو من مقاصد الشّريعة ، ولو تسامح النّاس بذلك
لاختلطت الأنساب ، لذا قيل : كلّ أمّة وُضعَت الغيْرة في رجالها : وُضعَت الصّيانة
في نسائها ، واعتبر الشّارع من قتل في سبيل الدّفاع عن عرضه شهيداً ، ففي الحديث :
( من قتل دون أهله فهو شهيد ) .
ومَن لا يغار على أهله ومحارمه : يُسمَّى : " ديّوثاً " ، والدّياثة من الرّذائل
الّتي ورد فيها وعيد شديد ، وما ورد فيه وعيد شديد يعدّ من الكبائر عند كثير من
علماء الإسلام ، جاء في الحديث : ( ثلاثة لا ينظر اللّه عزّ وجلّ إليهم يوم القيامة
: العاقّ لوالديه ، والمرأة المترجّلة ، والدّيّوث )- رواه النسائي ( 2561 )
وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي .
انتهى من " الموسوعة الفقهية " ( 31 / 321 - 323 ) مختصراً .
وقال ابن القيم رحمه الله :
"أصل الدِّين : الغيرة ، ومَن لا غيْرة له : لا دين له ، فالغيرة تحمي القلب ،
فتحمي له الجوارح ، فتدفع السوء والفواحش ، وعدم الغيرة : تميت القلب ، فتموت
الجوارح ، فلا يبقى عندها دفع البتة ، ومَثَل الغيرة في القلب مَثَل القوة التي
تدفع المرض وتقاومه ، فإذا ذهبت القوة وَجد الداءُ المحلَّ قابلاً ، ولم يجد دافعاً
، فتمكَّن ، فكان الهلاك" انتهى .
" الجواب الكافي " ( ص 45 ) .
فنحن مع هذا الأخ السائل الذي لا يزال قلبه حيّاً ، ولا تزال الغيرة تجد مكاناً لها
في قلبه ، ونحثه على التمسك بها .
ثانياً :
حتى ينجح في حل مشكلة أخته : عليه أولاً أن يبحث في الأسباب الدافعة لها لأن تفعل
هذه المعصية ، وتتجرأ على محادثة رجل أجنبي في بيت أهلها ، ونحن نرى أن من أسباب
فعل تلك المعصية :
1. الفراغ العاطفي ، فقد تكون محرومة من عطف أمها ، أو والدها ، أو منهما جميعاً ،
ثم وجدت ذلك الذئب الذي أوهمها بأنه من يستطيع إشباع تلك العاطفة .
2. ضعف الإيمان ، ولو أن هذه الأخت عرفت الله تعالى بأسمائه وصفاته ، وعرفت ما
يترتب على المعاصي من أوزار : لتوقفت عن المعصية ، أو لكان ذلك حائلاً بينها وبين
فعلها ابتداء .
3. فراغ الوقت ، فكثير من الفتيات تجد الفراغ في يومها وليلتها لأن تقرأ روايات
الحب والعشق ، ولأن تطالع الفضائيات ، وتحادث في الهاتف ، ولو أنها شُغلت بما
ينفعها من أعمال : لضاقت عليها ساعات يومها .
4. النظر إلى المحرمات ، وهو ما يهيِّج الشهوة ، ويدعو لتقليد تلك الممثلة ، أو تجرب تلك التجربة المفعمة بعاطفة الحب والغرام .
5. الخلوة ، وهي الداء القاتل ، والتي تمكِّن الشيطان من أن يكون أنيسها ، وونيسها
، في وحدتها .
6. التمكين من أجهزة الاتصالات ، وهو سبب مباشر لفعل معصية المحادثة والتعرف على
ذلك الرجل الأجنبي .
وعلاج المشكلة يحتاج من ذلك الأخ أن يفكِّر في هذه الأسباب – وقد يكون هناك غيرها –
ويحاور عقلاء أهله لعلاجها أو القضاء عليها ، من غير إحداث شرٍّ أكبر منه .
ثالثاً :
ننصح الأخ السائل أن يوجِّه رسائل تذكرة لأخته ، كتابية كانت أو شفوية ، ولتكن
محتوية على المسائل التالية :
1. أنها ستصبح بتلك المحادثات المحرَّمة سلعة رخيصة عند ذلك الذئب ، وأنه لا يتزوج
هؤلاء بمثلك ؛ لأنهم يخافون من خيانتك لهم ! .
2. أنك بتلك المحادثات تلطخين سمعتك وسمعة ومكانة أهلك في المجتمع .
3. أنها بتلك المحادثات سيزداد عندها بغض الخير والطاعة ، وسيزداد عندها حب الشر
والمعصية .
4. أنها ستصل لمرحلة كراهية الأهل والتفكير في هجرهم .
والذي ننصح بفعله في مثل هذه الحالة :
1. مداومة النصح لها ، وعدم اليأس من هدايتها .
2. تعريفها على صاحبات الخير والصلاح من بنات جنسها .
3. تحريك الوالدين تجاهها ، لنصحها ، وتذكيرها ، والأخذ على يدها .
4. مكالمة ذلك الرجل الفاسد ، وتخويفه ، وتهديده .
5. التعجل في تزويجها .
6. الحرص على دعاء الله تعالى أن يهديها ، ويجنبها الفتن .
هذا ما نراه ، ونسأل الله تعالى أن يوفق أخاها لما فيه رضاه ، وأن يهدي أخته لما
يحب ويرضى ، وأن يحبب إليها الإيمان ويزينه في قلبها ، وأن يبغِّض إليها الكفر
والفسوق والعصيان ، وأن يجعلها من الراشدين .
والله الموفق