أنني حامل ، وأدعو الله أن يرزقني بولد صالح . أود أن أعرف ما إذا كان هناك أي أعمال صالحة يمكنني أن أعملها وأنا حامل ؟
الحمد لله.
لعل أهم عمل صالح يمكن للمرأة الحامل عمله والعناية به هو تعلم أساليب التربية النافعة ، والقراءة في كتب التربية الموثوقة ، والاستماع إلى المتخصصين من أهل العلم الأمناء ، وذلك لأن التربية الصالحة هي أهم وظيفة يقوم بها الآباء تجاه أبنائهم ، لا يعادلها جمع مال ، ولا شراء حاجيات ، ولا غير ذلك ، حتى قال بعض الحكماء :
" أفضل ما يورِّث الآباء الأبناء : الثناء الحسن ، والأدب النافع ، والإخوان الصالحون "
ذكره ابن عبد البر في "بهجة المجالس" (ص/18) ويروى نحوه في حديث مرسل ، انظر "السلسلة الضعيفة" (رقم/1121)
ولا يظنن ظان أن التأدب أمر يسير ، بل هو مجموعة من الأخلاق والأذواق التي لا يتحصل عليها المرء إلا بالتجربة والرعاية وتأديب المؤدبين ، فإذا اتكل الوالدان على تأديب الطبع السليم فقد أسلما أولادهم إلى تفريط وضيعة .
يقول الماوردي رحمه الله :
" اعلم أن النفس مجبولة على شيم مهملة ، وأخلاق مرسلة ، لا يستغني محمودها عن التأديب ، ولا يكتفي بالمرضي منها عن التهذيب ؛ لأن لمحمودها أضدادا مقابلة ، يساعدها هوى مطاع وشهوة غالبة ، فإن أغفل تأديبها تفويضا إلى العقل ، أو توكلا على أن تنقاد إلى الأحسن بالطبع ، أعدمه التفويض درك المجتهدين ، وأعقبه التوكل ندم الخائبين ، فصار من الأدب عاطلا ، وفي صورة الجهل داخلا ؛ لأن الأدب مكتسب بالتجربة ، أو مستحسن بالعادة ، ولكل قوم مواضعة ، وذلك لا ينال بتوقيف العقل ، ولا بالانقياد للطبع حتى يكتسب بالتجربة والمعاناة ، ويستفاد بالدربة والمعاطاة ، ثم يكون العقل عليه قيما ، وزكي الطبع إليه مسلما ، ولو كان العقل مغنيا عن الأدب ، لكان أنبياء الله تعالى عن أدبه مستغنين ، وبعقولهم مكتفين ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) " انتهى.
"أدب الدنيا والدين" (ص/286) .
وذلك – ولا شك – من مقتضى قوله سبحانه وتعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) التحريم/6
فإذا أصبح الوالدان على وعي كاف بهذا الأمر ، واستشعرا حقيقة وخطورة شأن التربية والتأديب ، تغير حال أمتنا جمعاء إلى الأقوم والأصلح بإذن الله .
كما ننصح المرأة الحامل بالحفاظ على الفرائض والصلوات ، والإكثار من الدعاء وسؤال الله تعالى الولد الصالح البار والعافية في الدنيا والآخرة ، فما أعطي أحد عطاء أفضل من العافية .
ولا نعلم عبادة مخصوصة جاء الشرع بندب الحامل إلى القيام بها دون غيرها من الناس .
ويمكن الاستفادة من كتاب : مسؤولية الأب المسلم نحو الولد في مرحلة الطفولة ، تأليف : عدنان صالح باحارث .
والله أعلم .