كيفية الجلوس أثناء خطبة الجمعة
أود معرفة كيفية الجلوس أثناء خطبة الجمعة .
الجواب
الحمد لله.
ليس هناك سنة محددة في هيئة الجلوس لاستماع خطبة الجمعة .
والذي ينبغي للمسلم : أين يراعي الأدب والاعتدال في جلسته ، فلا يؤذي مَن حوله ،
ولا يجلس بحيث تنكشف عورته ، كما لا يجلس جلسة تجلب إليه الكسل والنعاس .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
" الجلوس والإمام على المنبر يوم الجمعة كالجلوس في جميع الحالات ، إلا أن
يُضَيِّقَ الرجلُ على مَن قارَبَه فأكرَهُ ذلك ، وذلك أن يتكئ فيأخذ أكثر مما يأخذ
الجالس ، ويمدرجليه ، أو يلقي يديه خلفه ، فأكره هذا ؛ لأنه يضيق ، إلا أن يكون
بِرِجلِه علة فلا أكره له من هذا شيئا ، وأحب له إذا كانت به علة أن يتنحَّى إلى
موضعٍ لا يزدحم الناس عليه ، فيفعل من هذا ما فيه الراحة لبدنه بلا ضيق على غيره "
انتهى.
"الأم" (1/235) .
ويراعي في جلسته الإقبال على الخطيب بوجهه ، فقد كان ذلك فعل الصحابة مع النبي صلى
الله عليه وسلم ، يقبلون عليه بوجوههم إذا صعد المنبر ، وقد سبق بيان ذلك في جواب
السؤال رقم (10667)
.
وقد كره بعض أهل العلم – كالشافعية – جلوس الحبوة في الجمعة ، لما تؤدي إليه هذه
الجلسة من النوم والنعاس .
قال الخطيب الشربيني رحمه الله :
" ويكره الاحتباء ، وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوبه أو يديه أو غيرهما والإمام
يخطب ، للنهي عنه ، لأنه يجلب النوم فيمنعه الاستماع " انتهى.
"مغني المحتاج" (1/557) .
واستدلوا على ذلك بحديث معاذ بن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنِ الحبْوَة يَوْمَ الجُمُعَةِ ، وَالإِمَامُ
يَخْطُبُ) .
رواه أبو داود (1110) والترمذي (514) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وقد ضعفه كثير من العلماء ، كابن العربي في عارضة الأحوذي (1/496) والنووي في
"المجموع" (4/592). والذهبي في "المهذب" (3/1165) .
وقال ابن القطان رحمه الله : " فيه سهل بن معاذ ضعيف , ويرويه عنه أبو مرحوم :عبد
الرحيم بن ميمون , وهو أيضاً ضعيف الحديث , قاله ابن معين " انتهى. "الوهم
والإيهام" (3/108) .
وقال المرداوي رحمه الله :
"ولا تكره الحبوة على الصحيح من المذهب ، نص عليه [يعني الإمام أحمد]"
انتهى.
"الإنصاف" (2/396) .
وقَالَ أَبُو دَاوُد : كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحْتَبِي وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ ،
وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَشُرَيْحٌ وَصَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ وَسَعِيدُ بْنُ
الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ . ثم قال أَبُو دَاوُد : وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا
كَرِهَهَا إِلَّا عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ [أحد التابعين] .
وقال ابن قدامة في "المغني" (3/202) :
"والأولى تركه لأجل الخبر , وإن كان ضعيفا , ولأنه يكون متهيئا للنوم والوقوع
وانتقاض الوضوء , فيكون تركه أولى" انتهى .
وعلى هذا ؛ فالأفضل أن لا يجلس محتبياً ، لأنه قد يكون سببا لجلب النوم والنعاس ،
فإن احتاج إلى هذه الجلسة ، وكان يعلم من نفسه أنها لن تكون سببا في جلب الكسل
والنوم إليه ، فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .