حكم أكل المايونيز والكاتشب والخل الناتج عن الكحول
هل يجوز استخدام روح الخل مثل الخل المستخلص من التفاح وكذلك المايونيز والكاتشب ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا : يجوز استخدام الخل المستخلص من التفاح ؛ لأن الأصل في الأطعمة الإباحة ؛
لقوله تعالى : (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ
يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ
خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)
الأنعام/145 . فلا يحرم منها إلا ما حرمه الدليل كالمستثنى في هذه
الآية وكالمسكر ، ولما روى الترمذي (1726) عن سلمان رضي الله عنه قال : سئل رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال : (الحلال ما أحل الله في
كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه) والحديث حسنه
الألباني في صحيح الترمذي .
ثانياً :
لا خلاف في جواز استعمال الخل ولو كان من خمر إذا كان تخللها بنفسها من غير معالجة
، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الخل ، ومدحه وأثنى عليه ، كما روى مسلم
(2052) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ أَهْلَهُ الْأُدُمَ ، فَقَالُوا : مَا عِنْدَنَا
إِلَّا خَلٌّ ، فَدَعَا بِهِ ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ ، وَيَقُولُ : نِعْمَ
الْأُدُمُ الْخَلُّ ، نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ) .
وانظر جواب السؤال رقم (106196)
.
وأما إن عولج الكحول حتى صار خلا ، فلا يجوز استعماله .
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : لقد اشتبه على كثير منا أمر الخل ، علما
بأن فيه عندنا في الجزائر درجات كحول ولسنا ندري كيف يصنع ، فهل يتعدى حكمه إلى
الحرمة بتلك الزيادة من الكحول ، وليس المقصود من الخل شربه بل استعماله في كثير من
الأطعمة ، كالخس مثلا ، فهل يؤكل هذا الأكل بوجوده فيه أم لا ؟
فأجابوا : "أولا : الخل إذا كان أصله خمراً وتخلل هذا الخمر بفعل آدمي لا يجوز
استعماله ، والأصل في ذلك ما رواه مسلم ، والترمذي ، وأبو داود : أن أبا طلحة سأل
النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً ، قال : (أهرقها) قال : أفلا أجعلها
خلاً ؟ قال : لا .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : في هذا بيان واضح أن معالجة الخمر حتى تصير خلا
غير جائز ، ولو كان إلى ذلك سبيل لكان مال اليتيم أولى الأموال به ؛ لما يجب من
حفظه وتثميره والحيطة عليه ، وقد كان نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة
المال ، وفي إراقته إضاعته ، فعلم بذلك أن معالجته لا تطهّره ولا ترده إلى المالية
بحال ، وهو قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل .
ثانيا : إذا تخللت الخمر بنفسها جاز استعمالها ، والأصل في ذلك ما أخرجه مسلم
والترمذي والنسائي وابن ماجه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (نعم الإدام
الخل) ، وعموم هذا الحديث مُخصَّص بالحديث السابق في الأمر الأول ، قال الإمام مالك
رحمه الله : لا أحب لمسلم ورث خمراً أن يحبسها يخللها ، ولكن إن فسدت خمر حتى تصير
خلاً لم أر بأكله بأساً . انتهى .
ثالثا : إذا كان الخل ليس أصله الخمر فلا إشكال في حله ؛ لأن كل عصير حمض يسمى
خلاً" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي... الشيخ عبد الله
بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/121) .
ثالثا :
يباح أكل المايونيز والكاتشب ؛ لأن الأصل الإباحة كما سبق ، إلا أن عُلم اشتمالهما
على شيء محرم كالكحول المسكر . وأما وجود الخل فيهما ، فلا يضر ؛ لأن الخل قد يكون
أصله من غير الخمر كما سبق .
والله أعلم