هل تثبت براءة الرحم عن طريق الفحص الطبي والتحليل ؟
أعينوني من فضلكم في حل المشكلة التي تواجه عائلة مسلمة فقيرة هنا في إندونيسيا ، إنها عن ابنتهم الأرملة ولديها 3 أطفال ، بعدها تزوجت ثانية في عام 2007 بمسلم رزقت منه طفلا في 8 ديسمبر 2007 ، لكن زوجها كان يضربها ، وكذلك لديه بعض الأعمال الخاطئة ، وحتى إنه لا يصلي ويلاحق البنات (طبعا هو لا يزال صغيرا) .
بسبب تدهور حالتها ، حاولت عائلتها حل مشكلتها ، وعلى أقل تقدير قرروا أن يبحثوا لها عن زوج آخر ، الحمد لله ، وجدوا واحدا أفضل بكثير من الحالي ، وهو مستعد أن يعتني بهذه المرأة وأولادها ، وهو أفضل أيضا دينيا واجتماعيا ، أقصد أنه يستطيع أن يتحمل نفقة منزل وتعليم للأطفال ، وعليه فقد طلبت المرأة الخلع ؛ لأنه فعليا الحل الوحيد ، لقد وافق الزوج عليه بدون مشاكل في 18 فبراير ، الآن العائلة ترجو العون من الله من خلال برنامج الزواج ، لكن هناك ابتلاء آخر ، وهو أن الرجل الذي تقدم لها يتوسل أن يكون العقد في بداية مارس على أعلى تقدير (حتى 4 مارس) ، لأنه طلب فترة أسبوع كإجازة زواج ، والآن يقول إن تأجيل الزواج لفترة جديدة سيسبب إزعاجا لموظِفه ، حتى إنه قال إن الزواج لو تأخر فإنه قد يغير رأيه ويلغي التفكير بالزواج ، هو بنفسه طلق زوجته التي ذهبت لزوج آخر وكان حزينا بسببها ، هو شعر برغبة في الزواج ثانية فقط بعد ما سمع قصة هذه الأرملة وأطفالها الأيتام ، لأنه يعتقد أن المؤمنة فقط تستطيع بناء بيت إسلامي ، الأسئلة هي :
1. مع العلم أن عدة الخلع هي شهر واحد ، لكن هذه الأرملة لم تحض منذ وضعت ذلك الطفل الأخير في 8 ديسمبر 2007 (انتهت من فترة النفاس بعد 40 يوما) ، فكيف نحسب فترة عدتها ؟
2. نعرف أن الحكمة من العدة لمدة حيضة واحدة هي التأكد أن المرأة ليست حاملاً (كما يقول سيد سابق في فقه السنة) ، هل يجوز التأكد من عدم الحمل بفحص الحمل المخبري بدون الانتظار للحيضة التي قد لن تحصل في هذه الحالة إلا بعد عدة أشهر ؟
3. أرجو أن تضعوا في اعتباركم أن الزواج المرجو هو لأجل الدين والصالح الاجتماعي لهذه العائلة أولهم الأرملة وأطفالها .
نأمل أن علماءنا الكرام يجدون حلا لهذه المشكلة بحسب الشريعة ، يجب أن أؤكد أنني شخصيا أعرف هؤلاء الناس والمعلومات أعلاه صحيحة ، والقضية ليست مسألة تزويج المرأة بأي أسلوب والحصول على فتوى من خلال معلومات خاطئة .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
المختلعة يلزمها الاستبراء بحيضة واحدة على الراجح ، كما سبق بيانه في جواب السؤال
رقم ( 5163 ) .
ثانياً :
إذا ارتفع الحيض بسبب معلوم كالرضاع ، فالواجب انتظار رجوع الحيض لتعتد المرأة به
وإن طالت المدة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (11/216) :
"أَمَّا إذَا عَرَفَتْ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِعَارِضٍ ; مِنْ مَرَضٍ , أَوْ
نِفَاسٍ , أَوْ رَضَاعٍ , فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَارِضِ , وَعَوْدَ
الدَّمِ وَإِنْ طَالَ , إلَّا أَنْ تَصِيرَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ , فَعِنْدَ ذَلِكَ
تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ . وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ , فِي مُسْنَدِهِ
بِإِسْنَادِهِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً
وَاحِدَةً , وَكَانَتْ لَهَا مِنْهُ بُنَيَّةً تُرْضِعُهَا , فَتَبَاعَدَ حَيْضُهَا
, وَمَرِضَ حِبَّانُ , فَقِيلَ لَهُ : إنَّك إنْ مِتَّ وَرِثَتْك . فَمَضَى إلَى
عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ,
فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ وَزَيْدٍ مَا تَرَيَانِ ؟ فَقَالَا : نَرَى أَنَّهَا
إنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا , وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ
الْقَوَاعِدِ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ , وَلَا مِنْ الْأَبْكَارِ
اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ . فَرَجَعَ حِبَّانُ إلَى أَهْلِهِ ,
فَانْتَزَعَ الْبِنْتَ مِنْهَا , فَعَادَ إلَيْهَا الْحَيْضُ , فَحَاضَتْ
حَيْضَتَيْنِ , وَمَاتَ حِبَّانُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الثَّالِثَةِ , فَوَرَّثَهَا
عُثْمَانُ رضي الله عنه" انتهى .
ولا يجوز الاكتفاء بالكشف الطبي الدال على براءة الرحم من الرحم ، بل لا بد من
الاستبراء بحيضة .
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما رأيكم في الاستبراء عن طريق الكشف الطبي
بالوسائل الحديثة ؟
فأجابوا :
"الله تعالى هو الذي شرع الشرائع في العبادات والأنكحة والمعاملات ، وله سبحانه
كمال العلم بما كان وما سيكون ، ولم يشرع الاستبراء بطريق الكشف الطبي بالآلات
الحديثة ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) ، فلا يجزئ الاستبراء بذلك بدلا من
الاستبراء أو الاعتداد بما عرف شرعا بالقرآن والسنة وشرحته كتب الفقه الإسلامي .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد
الله بن غديان ...
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/487) .
وعليه ، فإن هذه المرأة لا يجوز أن يعقد أحد نكاحها حتى تحيض حيضة ، ولو كان ذلك
سيؤخر زواجها أشهرا ؛ والإنسان لا يعلم ما كتب له ، فقد يكون من الخير لها أن تتزوج
هذا الرجل ، وقد لا يكون من الخير لها ذلك .
على أننا ننبه هنا إلى أنه لا يجوز الاتفاق مع هذا الرجل أو غيره ليتزوج بتلك
المرأة وهي لا تزال في عصمة زوجها ، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن
يخطب المسلم على خطبة أخيه ، فكيف يجوز له أن يخطب امرأة في عصمة رجل آخر ؟!
فهذه المرأة تسعى في الطلاق أو الخلع من زوجها – إن شاءت – ثم إذا انقضت عدتها بحثت
عن زوج ، أو تقدم لها من يريد الزواج منها .
ونسأل الله تعالى أن يوفقها لكل خير .
والله أعلم .