هل يؤثر اسم الطفلة على صحتها ؟
رزقنا بطفلة مؤخراً ، وأسميناها " دانية فاطمة " ، وهي تمرض باستمرار منذ مولدها ، ويدعي البعض أن هذا الاسم لا يناسبها ، وعلينا تغييره ، فهل بوسعكم رجاءً إخباري بمدى صحة هذا القول من الناحية الشرعية .
الجواب
الحمد لله.
لا نرى في الاسم المركب : " دانية فاطمة " أي مانع شرعي ، فمعناه مقبول مذكور في
القرآن الكريم ، وذلك في قوله سبحانه وتعالى : ( فهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ . فِي
جَنَّةٍ عَالِيَةٍ . قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ )
الحاقة/21-23.
قال البراء بن عازب رضي الله عنه : " أي قريبة ، يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره
" انتهى . "تفسير القرآن العظيم" (8/214) .
فإذا سميت الفتاة بـ " دانية " تفاؤلا بقربها من الخير واللين والسهولة : فلا حرج
في ذلك ، فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنْ النَّاسِ )
رواه أحمد (1/415) وحسنه محققو المسند .
ولا نرى أي علاقة بين اسم ابنتكم وبين كثرة الأمراض التي تلحقها ؛ فالمرض من قدر
الله سبحانه وتعالى ، وهو ابتلاء منه عز وجل ، كتبه على البشر في هذه الدنيا ،
وجعله خيراً للمؤمنين ، وعقاباً على الكافرين .
وليس لاسم الإنسان تأثير فيه ، اللهم إلا من الناحية النفسية :
وقد سبق في موقعنا شرح هذه المسألة في جواب السؤال رقم : (14626)
، وبينا ما ذكره العلماء أن لكل امرئ من اسمه نصيبًا ، وبعض الشواهد من السنة
النبوية على ذلك .
ولكن ينبغي التنبيه إلى أن العلماء لا يقصدون تقرير أن الاسم مؤثر في الأقدار ،
وأنه سبب كوني مستقل كسائر الأسباب ، وإنما يقصدون بذلك أن للنفس تأثراً بالغاً
باسمها الذي تحمله لكثرة تكراره في مسامعها ، ولكونه أصبح عَلَمًا تُعرف به ، فإذا
كان الاسم يحمل معنىً إيجابياً خَيِّرًا أثَّر تَكراره في النفس الحضَّ على امتثال
هذا المعنى ، والعكس كذلك صحيح ، فالأمر يعود إلى انطباع النفس بما يحمله ذلك الاسم
من معنى ، حتى يصير ذلك عادة لها وسجية .
ولكننا ننبه هنا – من باب الاحتياط – إلى تخوفنا من أن تكون تسمية البنت بـ " دانية
فاطمة " يقصد بها ـ في عرفكم ولغتكم ـ إضافة عبودية أو ملك أو رزق أو تدبير أمر هذه
المولودة إلى السيدة فاطمة رضي الله عنها ، بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أنها
قريبة منها ، يعني : في جوارها .
فإذا كان هذا هو الواقع والمراد ، وكان ذلك المعنى معروفاً في بلادكم ولغتكم ، فهو
اسم محرَّمٌ حينئذ ، يجب تغييره ، ولا يستبعد أن يكون مرض الطفلة له علاقة بهذا
المقصد الشركي في مثل هذه الأسماء ، فمن تعلَّق شيئاً وُكل إليه ، ومن لم يعترف لله
بالألوهية والربوبية المطلقة أسلمه الله إلى ضعف بشريته وهوان نفسه .
والحاصل أننا لا ننصحكم بتغيير هذا الاسم لعلاج ابنتكم ، إلا إذا قصد به إضافة
شركية للسيدة فاطمة رضي الله عنها أو غيرها من البشر ، وإنما يكون العلاج ببذل
الأسباب الحقيقية الطبية ، وكثرة الدعاء لها ، والصدقة عنها ، واحتساب أمرها عند
الله عز وجل .
نسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يمن عليها بالشفاء العاجل من عنده سبحانه
.
والله أعلم .